قلت: فهذا تأويل إمام المفسرين لهذا النص وهذا التفسير الذي قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن صاحبه.
أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين ....
وقال فيه أيضاً: لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها (أي: البغوي والقرطبي وابن عطية والزمخشري وغيرهم (?). ا. هـ.
فقد نص إمام المفسرين على أن رخصة الخطأ والنسيان هي فيما هو دون الكفر وذلك لخبر الله لنا: (إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ).
وذلك لأنه كما قلت سابقاً: أن أهل القبلة هم الذين: تابوا من الشرك والتزموا الشرائع كما في قوله تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ). قال حبر الأمة ابن عباس -رضي الله عنهما- حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة (?).
فهذا وصف أهل القبلة: الانخلاع من الشرك والتزام الشرائع فهذا هو الذي يترخص برخص أهل القبلة، أما المشرك فقد بان عن وصف أهل القبلة فلا يتمتع برخصها.
قال ابن تيمية في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت بها أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به". والعفو عن حديث النفس إنما وقع لأمة محمد، صلى الله عليه وسلم، المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فعلم أن هذا العفو هو فيما يكون من الأمور التي لا تقدح في الإيمان. فأما ما نافى الإيمان فذلك لا يتناوله لفظ الحديث، لأنه إذا نافى الإيمان لم يكن صاحبه من أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، في الحقيقة ويكون بمنزلة المنافقين، فلا يجب أن يعفى عما في نفسه من كلامه أو عمله وهذا فرق بيّن يدل عليه الحديث وبه تأتلف الأدلة الشرعية. وهذا كما عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان كما دل عليه الكتاب والسنة. فمن صح إيمانه عفى له عن الخطأ والنسيان وحديث النفس كما يخرجون من النار بخلاف من ليس معه الإيمان فإن هذا لم يتدل النصوص على ترك مؤاخذته بما في نفسه وخطأه ونسيانه (?). ا. هـ.