والحاصلُ أن المفسدةَ إذا عَارَضَتْهَا مصلحةٌ فلذلك ثلاثُ حالاتٍ:
إما أن تكونَ المصلحةُ أعظمَ وأرجحَ، والمفسدةُ أَقَلَّ وهي مَرْجُوحَةٌ.
وإما أن تكونَ المفسدةُ أعظمَ.
وإما أَنْ يَسْتَوِيَا.
فإن كانت المصلحةُ أعظمَ - كما مَثَّلْنَا - أُلْغِيَتِ الذريعةُ وَأُهْدِرَتْ.
وإن كانت المفسدةُ أعظمَ أَوِ اسْتَوَيَا فإنه يجبُ سَدُّ الذريعةِ فيهما.
ومثالُهما معًا: ما لو كان من المسلمين أُسَارَى عند الكفارِ في الجهادِ مع الكفارِ، فَأَسَرَ الْعَدُوُّ من الكفارِ أَسْرَى من المسلمين، وَطَلَبَ إمامُ المسلمين فداءَ الأَسْرَى المسلمين من أيدِي الكفارِ، فقال الكفارُ: لا نَقْبَلُ فداءَهم إلا بسلاحٍ، وكان هذا السلاحُ يُقْدِرُهُمْ على الفتكِ بالمسلمين، فإن كان بقدرِ الظنِّ والتخمينِ أنهم يقتلونَ من المسلمين بذلك السلاحِ قدرَ الأُسَارَى أو أكثرَ منهم، فمصلحةُ فداءِ الأُسَارَى تُعَارِضُهَا مفسدةُ قتلِ عددِهم من المسلمين أو أكثرَ، فيجبُ سَدُّ هذه الذريعةِ، ولاَ يُفْدَى أولئك الأُسَارَى.
أما إذا كان السلاحُ لا يَقْدِرُ به الكفارُ على أن يقتلوا المسلمين، فإن هذه المفسدةَ تكونُ مرجوحةً، ويجوزُ فداؤُهم. هذانِ نوعانِ من أنواعِ سَدِّ الذرائعِ، الأولُ مُجْمَعٌ على سَدِّهِ، والثاني مُجْمَعٌ على