الْعُقُوقِ شَتْمَ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ». قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وهل يشتمُ الرجلُ وَالِدَيْهِ؟ قال: «نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» (?)، هذا الحديثُ الصحيحُ سَمَّى [به] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (?) ذريعةَ السبِّ: (سَبًّا) وهو كالآيةِ يدلُّ على أن ذريعةَ الحرامِ حَرَامٌ.
النوعُ الثاني من أنواعِ الذرائعِ الثلاثِ: نوعٌ لاَ يَجِبُ سَدُّهُ بإجماعِ المسلمين، فهو ذريعةٌ يَجِبُ إهدارُها وإلغاؤُها، ولا يجبُ سَدُّهَا بإجماعِ المسلمين. وهذا النوعُ من الذرائعِ نَوْعَانِ:
أحدُهما: أن يكونَ الفسادُ بَعِيدًا فيه، والمصلحةُ أرجحَ من الفسادِ فيه. ومثالُ هذا النوعِ: غَرْسُ شجرِ العنبِ. فَإِنَّ غرسَ شجرِ العنبِ ذريعةٌ إلى عصرِ الخمرِ التي هي أُمُّ الخبائثِ، قَبَّحَهَا اللَّهُ، وَقَبَّحَ شَارِبَهَا، إلا أن الذين يعصرونَ الخمرَ من المجتمعِ ويشربونَه قِلَّةٌ في أقطارِ الدنيا، فمنفعةُ انتشارِ العنبِ والزبيبِ في أقطارِ الدنيا مصلحةٌ عُظْمَى أُلْغِيَ من أجلِ هذه المصلحةِ المفسدةُ التي قد تكونُ من شجرِ العنبِ بعصرِ الخمرِ منه؛ لأَنَّ الذي يَعْصِرُهَا أفرادٌ قليلونَ ويشربونها، ولو ضَاعَتْ عقولُهم بسببِ شُرْبِهَا فمصلحةُ العالمِ الْعَامَّةُ بوجودِ العنبِ والزبيبِ في أقطارِ الدنيا أعظمُ من هذه المفسدةِ الجزئيةِ، فأُلْغِيَتْ هذه الذريعةُ وَأُهْدِرَتْ.