من سورةِ الأنعامِ، وَدَلَّ الحديثُ الصحيحُ المتفقُ عليه (?). وهذا القسمُ هو أن يكونَ هذا الأمرُ جائزًا أو مطلوبًا، وليس في نفسِه فسادٌ في ذاتِه، أو فيه خَيْرٌ، إلا أنه يُؤَدِّي إلى شَرٍّ عظيمٍ، كَسَبِّ الأصنامِ، فإنه في ذاتِه طَيِّبٌ مَطْلُوبٌ، إلا أنه لَمَّا كانَ يكونُ سَبَبًا لِسَبِّ اللَّهِ كان مُحَرَّمًا.
ومن هذا النوعِ، وهي الذريعةُ التي يجبُ سَدُّهَا إجماعًا: حفرُ الآبارِ في طُرُقِ المسلمينَ، فلو جاءَ رجلٌ إلى طريقِ المسلمين وَحَفَرَ فيها بِئْرًا لَيْلاً، وَغَطَّى فَمَ البئرِ بشيءٍ خفيفٍ، فَمَنْ جاء مع الطريقِ وَتَرَدَّى في البئرِ فَفِعْلُهُ وحفرُه البئرَ ليس نفسَ إهلاكٍ لنفسٍ ولا مَالٍ، ولكنه ذريعةٌ لذلك يجبُ سَدُّهَا وَمَنْعُهَا بالإجماعِ.
ومن هذا النوعِ: إلقاءُ السُّمِّ في مياهِ المسلمين وأطعمتِهم. فإلقاءُ السمِّ في مياهِ المسلمينَ التي يشربونَ، وإلقاؤُه في أطعمتِهم ذريعةٌ للفسادِ يجبُ سَدُّهَا بإجماعِ المسلمين.
هذا إحدى أنواعِ الذرائعِ الثلاثِ؛ لأَنَّ نَوْعًا منها يجبُ سَدُّهُ بإجماعِ المسلمين كما مَثَّلْنَا له وَدَلَّتْ عليه هذه الآيةُ الكريمةُ من سورةِ الأنعامِ: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} وفي الحديثِ الصحيحِ المتفقِ عليه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: «إِنَّ مِنَ