الثاني: أنه ما نَابَ عن المطلقِ من «يسبوا»؛ لأن سَبَّ اللَّهِ عُدْوَانٌ {فَيَسُبُّوا اللَّهَ} معناه: يَعْتَدُوا بِسَبِّ اللَّهِ {عَدْوًا}، أي: عُدْوَانًا. وعليه فهو ما نَابَ عَنِ الْمُطْلَقِ.
والإعرابُ الثالثُ فيه: أنه مَفْعُولٌ من أَجْلِهِ، أي: فَيَسُبُّوا اللَّهَ لأجلِ عُدْوَانِهِمْ وطغيانِهم وظلمِهم.
وقولُه: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} الظاهرُ أن الجارَّ والمجرورَ في محلِّ حَالٍ ثَانِيَةٍ (?)، أي: حالَ كونِهم معتدينَ جاهلينَ، لاَ علمَ لهم بما يَنْبَغِي أن يقالَ في اللَّهِ، حيث يَسُبُّوا اللَّهَ (جل وعلا). وهذا معنَى قولِه: {عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
وهذه الآيةُ الكريمةُ - من آياتِ الأحكامِ - أَخَذَ العلماءُ منها أصلَ (سَدِّ الذرائعِ) (?)؛ لأَنَّ سَبَّ الأصنامِ بالنسبةِ إلى ذاتِه جَائِزٌ مطلوبٌ، ولكن لَمَّا كان هذا الأمرُ المحمودُ الطيبُ - وهو سَبُّ الأصنامِ وتقبيحُها - قد يُؤَدِّي إلى أمرٍ آخرَ لا يجوزُ، وهو سَبُّ اللَّهِ، مُنِعَ هذا الشيءُ الطيبُ سدًّا للذريعةِ التي
[14/أ] ... وذريعةُ الشيءِ /أَصْلُهَا طريقُه الموصلةُ إليه (?).
ومعروفٌ عِنْدَ علماءِ الأصولِ أن الذرائعَ ثلاثةُ أقسامٍ (?):
قِسْمٌ منها يَجْبُ سَدُّهُ إجماعًا، كما دَلَّتْ عليه هذه الآيةُ الكريمةُ