الرحمِ. لم يَحْتَجْ إلى أن يُزِيحَهَا أو يسلطَ عليها أشعةً كهربائيةً.
الْعِلْمُ وَالْبَصَرُ نافذٌ لهذا الصنعِ الغريبِ العجيبِ في بَطْنِ أُمِّهِ {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: آية 6] وَلِذَا لَمَّا قَالَ: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ}.
قَالَ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} ثُمَّ قَالَ - وهو مَحَلُّ الشَّاهِدِ -: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: آية 6] أَيْنَ تُصْرَفُونَ؟ أين تذهبُ عقولُكم عن هذه الغرائبِ والعجائبِ التي يَفْعَلُهَا فيكم خالقُ السماواتِ والأرضِ؟ ثم إن اللَّهَ (جل وعلا) يُخْرِجُهُ من بطنِ أُمِّهِ، وَيُسَهِّلُ له طريقَ الخروجَ: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: آية 20] ويكونُ في هذه المحطةِ التي نَحْنُ فيها، فَكُلُّ ما قَبْلَهَا جَاوَزْنَاهُ، ثم إنه عَنْ قريبٍ ينتقلُ الجميعُ من هذه المحطةِ إلى محطةِ القبورِ، فَيَمْكُثُونَ فيها ما شَاءَ اللَّهُ، ثم يُنَادِي خَالِقُ السماواتِ والأرضِ أَنْ يَرْحَلُوا من القبورِ {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: آية 25] فَيُجِيبُونَ دَاعِيَ اللَّهِ مُهْطِعِينَ إلى الدَّاعِي، فَيَجْمَعُهُمْ في صعيدٍ واحدٍ، صعيدِ الْمَحْشَرِ، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، ثُمَّ يَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثم يتفرقونَ كما قَالَ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} [الزلزلة: آية 6] مُتَشَتِّتِينَ مُتَفَرِّقِينَ، وهذه الأشتاتُ في سورةِ الزلزلةِ أَوْضَحَهَا اللَّهُ في سورةِ الرومِ: {يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم: الآيات 14 - 16] فَبَعْدَ ذلك يدخلُ أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، وعندَ ذلك تُلْقَى عَصَى التَّسْيَارِ، وَيُذْبَحُ الْمَوْتُ، ويقولُ: