ولو بأوامرَ خاصةٍ.

وَثَبَتَ عن عائشةَ (رضي الله عنها) أنها رَدَّتْ على مَنْ زَعَمَ أن تخييرَ الزوجةِ طلاقٌ لها: بأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ أزواجَه فَاخْتَرْنَهُ، فلم يَعُدَّ ذلك طَلاَقًا (?) مع أن الصيغةَ خاصةٌ به - صلى الله عليه وسلم - في قولِه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: الآية 28]. وقد بَيَّنَّا مِرَارًا أن القرآنَ دَلَّ باستقرائِه أَنَّ اللَّهَ يُخَاطِبُ نَبِيَّنَا بصيغةٍ خاصةٍ به - صلى الله عليه وسلم -، ثم يُبَيِّنُ لنا أن مرادَه بالصيغةِ الخاصةِ أن يشملَ حُكْمُهَا الأسودَ والأحمرَ. هذا كثيرٌ في القرآنِ، يُورِدُ اللَّهُ الخطابَ خَاصًّا بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يُبَيِّنُ أن مرادَه عمومُ حكمِ ذلك الخطابِ الخاصِّ، كقولِه في صدرِ سورةِ الطلاقِ بخطابٍ خَاصٍّ بِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} ثم قَالَ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاءَ} بصيغةِ الجمعِ الشاملةِ للأَسْوَدِ والأَحْمَرِ، {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق: آية1] فلو لَمْ يكن قولُه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} يُقْصَدُ منه شمولُ الحكمِ لجميعِ الأمةِ لأَفْرَدَ الخطاباتِ بَعْدَهُ، وَلَقَالَ: (إذا طَلَّقْتَ النساءَ فَطَلِّقْهُنَّ لعدتهن وَأَحْصِ) (وَاتَّقِ اللَّهَ) (لا تُخرج) فلما جاء بها مجموعةً تَبَيَّنَ أنه أَرَادَ إدخالَ الأمةِ تحتَ خطابِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} ونظيرُ هذا أيضًا في سورةِ التحريمِ، في قولِه بخطابٍ خَاصٍّ به - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: آية 1]، ثم بَيَّنَ قصدَ شمولِ الخطابِ للجميعِ حيث قال بعدَه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: آية 2] بصيغةِ الجمعِ الشاملةِ للأَسْوَدِ والأَحْمَرِ.

ونظيرُه أيضًا قولُه في صدرِ سورةِ الأحزابِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015