الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ} [الأحزاب: الآيتان 1، 2]. كُلُّ هذه خطاباتٌ خاصةٌ به - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ} بصيغةِ الجمعِ الشاملةِ للجميعِ، فَدَلَّ على أن المرادَ شمولَ الجميعِ بـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وَمِنْ ظَوَاهِرِ هذا في القرآنِ قولُه في سورةِ يُونُسَ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} ثم قال بصيغةِ الجمعِ الشاملةِ للجميعِ: {وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: آية 61] وقد بَيَّنَّا أن مِنْ أَصْرَحِ الأدلةِ في هذا آيَتَيِ الأحزابِ وآيةَ الرومِ. أما آيَتَا الأحزابِ: فالأُولَى منهما قولُه تعالى في قصةِ زواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زينبَ بنتَ جَحْشٍ (رضي الله عنها): {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} فكافُ الخطابِ في قولِه: {زَوَّجْنَاكَهَا} خاصةٌ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه هو وحدَه الذي زُوِّجَهَا في ذلك الوقتِ، ثُمَّ بَيَّنَ أن هذا الخطابَ الخاصَّ به - صلى الله عليه وسلم - أنه يُرَادُ تعميمُ حُكْمِهِ للأَسْوَدِ والأَحْمَرِ حيث قال بعدَه: {لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: آية 37]، وَآيَةُ الأحزابِ الثانيةُ: قولُه تعالى: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا} ثم قال: {خَالِصَةً لَّكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: آية50]. أي: هذا الحكمُ يَخُصُّكَ دونَ أُمَّتِكَ. والخطابُ أَوَّلُهُ: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} فلو لم تَكُنِ الأُمَّةُ داخلةً حُكْمًا تحتَ اسمِ (النبي) لَمَا كان لقولِه: {خَالِصَةً لَّكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} فائدةٌ، ولَمَا كانت إليه حَاجَةٌ.
وأما آيةُ الرومِ: فقولُه تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ