- صلى الله عليه وسلم - (?). هذا حديثٌ ثابتٌ في صحيحِ البخاريِّ عن ابنِ عباسٍ، صَرَّحَ فيه ابنُ عباسٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اقْتَدَى بِدَاوُدَ في سجدةِ تلاوةٍ، وسجودُ التلاوةِ فرعٌ من الفروعِ كَمَا هو معلومٌ، لا أَصْلٌ مِنَ الأُصُولِ.
وكذلك كَانَ الإمامُ الشافعيُّ (رحمه الله) يقولُ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} هذا الأمرُ الخاصُّ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَشْمَلُ الأُمَّةَ. هذا الصحيحُ في مذهبِ الشافعيِّ. قال: الأوامرُ الخاصةُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ تَشْمَلُ أحكامُها الأمةَ إِلاَّ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ. قال: لأَنَّ اللفظَ الخاصَّ بالرسولِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَشْمَلِ الأمةَ بحسبِ الوضعِ وَمُقْتَضَى الصيغةِ، وَإِدْخَالُنَا في كتابِ اللَّهِ شَيْئًا لم يَتَنَاوَلْهُ اللفظُ لا يجوزُ إلا بدليلٍ منفصلٍ. وقد بَيَّنَّا فيما مَضَى أن جماهيرَ العلماءِ على أن الخطاباتِ الخاصةَ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنها تشملُ أحكامُها الأُمَّةَ، وإن كان اللفظُ لاَ يتناولُ الأمةَ لأدلةٍ خارجيةٍ عن مادةِ اللفظِ (?)، مِنْهَا: أنه هو القدوةُ الْمُشَرِّعُ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه)، وَأَمْرُ القدوةِ أَمْرٌ لأَتْبَاعِهِ، وَاللَّهُ يقولُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: آية 21]، أي: اقتداءٌ كريمٌ. وذلك الاقتداءُ في أفعالِه وأقوالِه وتقريراتِه - صلى الله عليه وسلم -. وَاللَّهُ جل وعلا يقولُ: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: آية 80]، {قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: آية 31]، وَاتِّبَاعُهُ يَقْتَضِي في كُلِّ شيءٍ مِمَّا أُمِرَ به،