إِلَيَّ. فحصرَ الاتباعَ في المُوحَى إليه، واللَّهُ يقولُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: آية 21] فَعَلَيْنَا أن لا نتبعَ إلا خُصوصَ الوحيِ، ولا نخرج عنه إلى رَأْيٍ. وأمثالُ هذا من الآياتِ التي يستدلُّ بها الظاهريةُ كثيرةٌ جِدًّا (?).

ونحن نقولُ: إن الجوابَ: أَنَّا لا نخرجُ عمَّا يُوحَى، إلا أَنَّ مَا يُوحَى منه ما هو منصوصٌ به ظاهرٌ، ومنه ما هو مفهومٌ من حُكْمِ المنصوصِ به، ولا خروجَ في هذا عن حُكْمِ الوحيِ؛ لإجماعِ العقلاءِ على أن نظيرَ الحقِّ حق، ونظيرُ الباطلِ باطلٌ، فالشرعُ قد يَذْكُرُ الشيءَ ويسكتُ عن نظيرِه المماثلِ له في علةِ الحكمِ فَيَفْهَمُ العقلاءُ أنه مثلُه، وهذا الجمودُ الذي يَدَّعِيهِ ابنُ حزمٍ متمسكًا بعشراتِ أو مئاتِ الآياتِ من هذا النوعِ، يقول: كُلُّ ما نَصَّ عليه اللَّهُ فحكمُه ظاهرٌ، وما لم يَأْتِ في نَصٍّ مِنْ كتابِ اللَّهِ ولا سُنَّةِ نَبِيِّهِ فهو مسكوتٌ عنه وهو عَفْوٌ، ولا لنا أن نبحثَ عنه، ولا نسألَ عنه؛ لأن اللَّهَ سَكَتَ عنه غيرَ نسيانٍ، بل سَكَتَ عنه رحمةً بنا، فليس لنا أن نبحثَ عنه.

هذا الذي يقولُه ابنُ حَزْمٍ، ويستدلُّ عليه بعشراتِ الآياتِ، نحن نقولُ بِمُوجَبِهِ. ومعنى: (نقولُ بمُوجَبِهِ) أننا نقدحُ فيه بالقادحِ المعروفِ في عِلْمِ الأصولِ بـ (القولِ بالمُوجَبِ) (?)،

وهو أن نقولَ: أنتَ صادقٌ فيما قلتَ، ولكن هذا لا حجةَ لكَ فيه، ولا يقطعُ نزاعَنا معكَ. والمعنَى: نحنُ نُصَدِّقُكَ بأن اللَّهَ أباحَ أشياءَ، وحرَّم أشياءَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015