يدلُّ على أن أصلَه: (مَأْلَك)، وأن الهمزةَ أَصْلُهَا فيه؛ لأنه يُجْمَعُ على (ملائكةٍ) فتأتي الهمزةُ التي خُفِّفَتْ من الأصلِ. هذا أصلُه عند جمهورِ العلماءِ، وَمَنْ يقولُ: إن أصلَه من (المَلَك) قولٌ ضعيفٌ.
وعلى هذا الذي قَرَّرْنَا، فَوَزْنُ (الْمَلَكِ) حَالِيًّا: (مَعَل) لأن الفاءَ المزحلقةَ إلى مكانِ العينِ ساقطةٌ منقولةٌ حَرَكَتُهَا. فوزنُه (مَعَل) بإسقاطِ الفاءِ، قالوا: وَإِنَّمَا سُمِّيَ المَلَك مَلَكًا من (المَأْلُكة) وهي الرسالةُ؛ لأن الملائكةَ عبادُ اللَّهِ الْمُكَرَّمُونَ، الذين يَحْمِلُونَ مَآلِكَ اللَّهِ، أي: رسالاتِه، كما يأتي في قولِه: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: آية 5] فمنهم مَنْ يُرْسَلُ لتكثيرِ الريحِ، ومنهم من يُرْسَلُ لتكثيرِ المطرِ، ومنهم من يُرْسَلُ لقبضِ الأرواحِ، ومنهم مَنْ يُرْسَلُ لحفظِ الأعمالِ، ومنهم مَنْ يُرْسَلُ لحفظِ الآدميين لئلا تتخطفَهم الشياطين، كما يأتي، في أحدِ التفسيراتِ في قولِه: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [الرعد: آية 11].
وقولُه جل وعلا: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} (إِنْ) هنا هي النافيةُ. والمعنى: ما أَتَّبِعُ إلا ما أَوْحَاهُ رَبِّي إِلَيَّ، لا أزيدُ عليه، ولا أَخْرُجُ عن طَوْرِي، فأنا رسولٌ كريمٌ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أن أُنْذِرَكُمْ وَأُبَشِّرَكُمْ، وأنا أتبعُ ما يُوحَى إِلَيَّ، فَمَنْ أطاعَني دخلَ الجنةَ، ومن عَصَانِي دخلَ النارَ.
وبهذه الآيةِ وأمثالِها في القرآنِ يتمسكُ الظاهريةُ بأن القياسَ لا يجوزُ في الشرعِ (?). قالوا: لأن النبيَّ قال: ما أتبعُ إلا مَا يُوحَى