{أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70)} [التوبة: الآية 70]
لَمَّا قال (جل وعلا): {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا} وَبَيَّنَ أن الكفارَ بأنواعِهم في زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَلُوا كما فَعَلَ كفارُ الأممِ الماضيةِ، وَهَدَّدَهُمْ أن يُنْزِلَ بهم مثلَ ما أنزلَ بهم ذَكَرَ بعضًا من تلك الأممِ الماضيةِ التي أُجْمِلَتْ في قولِه: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ذَكَرَ منها أمثلةً يَكْثُرُ ذِكْرُهَا في القرآنِ العظيمِ؛ لأن الرسلَ كثيرٌ منها ذَكَرَهُ اللَّهُ وَقَصَّ خَبَرَهُ، وبعضُه لم يُذْكَرْ ولم يُقَصَّ خَبَرُهُ، وبعضُ الأممِ لا يعلمُ تاريخَه إلاَّ اللَّهُ وحدَه؛ لأن اللَّهَ يقولُ في الرسلِ: {مِنْهُم مَّنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: الآية 78]، ويقول في الأمم: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية [إبراهيم: الآية 9].
{أَلَمْ يَأْتِهِمْ} قدَّمنا قريبًا الوجهينِ المذكورينِ في {أَلَمْ} إذا جاءت مع المضارعِ. ألم يأتِ هؤلاء الكفرةَ الفاعلينَ مثلَ ما فَعَلَتِ الأُممُ المتقدمةُ؟ ألم يَبْلُغْهُمْ ما فَعَلْنَا بهم من النكالِ والعذابِ المستأصلِ ليكونَ ذلك رَادِعًا لهم وزاجرًا عن أن يعملوا مثل عملِهم؟ {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.
النَّبَأُ في لغةِ العربِ أخصُّ من الخبرِ، فكلُّ نبأٍ خبرٌ، وليس كُلُّ خبرٍ نبأً؛ لأن العربَ لاَ تكادُ تُطْلِقُ في لغتِها النبأَ إلاِّ على الخبرِ