{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ} قَبَّحَهُمُ اللَّهُ {هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)} الخارجونَ عن طاعةِ اللَّهِ خروجًا عظيمًا وإن زعموا أنهم مؤمنون، وَحَلَفُوا للنبيِّ وأصحابِه على أنهم مؤمنون مطيعون لله ولرسولِه. وهذا معنَى قولِه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)} [التوبة: الآية 67].
ثم قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ} [التوبة: الآية 68]، المرادُ بـ {الْمُنَافِقِينَ} مَنْ يُظهرون الإسلامَ ويُبطنون الكفرَ. {وَالْكُفَّارَ} أعلنوا كفرَهم فهم كُلُّهُمْ كفارٌ، والفرقُ بينَهم: أن بعضَهم يتظاهرُ بِكُفْرِهِ وبعضُهم يُخْفِي كفرَه، فهؤلاء الكفارُ جميعًا الْمُتَعالِنُونَ بكفرهم والجاحدونَ له وَعَدَهُمُ اللَّهُ جميعًا نارَ جهنمَ، كما تَقَدَّمَ في قولِه: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)} [النساء: الآية140]، وقال هنا: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ}.
{وَعَدَ} تأتِي بلا نزاعٍ في الخيرِ والشرِّ، إلاَّ أن مصدرَ ذاتِ الشرِّ: (وَعَدَهُ وَعِيدًا) ومصدرَ ذاتِ الخيرِ: (وَعَدَهُ وَعْدًا). وأما (أَوْعَدَ) بزيادةِ (الهمزةِ) فلا تكادُ العربُ تُطْلِقُهَا إلاَّ بالوعيدِ بالشرِّ خاصةً (?). وهذا معنَى قولِه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ}.
{نَارَ جَهَنَّمَ} هو المفعولُ الثانِي لِوَعَدَ، ونارُ جهنمَ معروفةٌ، وجهنمُ طبقةٌ من طبقاتِها، وربما أُطلقت على جميعِ طبقاتِ النارِ (?).