الإطلاقِ، فهل يتبادرُ دخولُ النساءِ في الجموعِ المذكرةِ أو لا؟ فالظاهرُ أنه ما دَخَلْنَ في جمعٍ مذكرٍ سَالِمٍ إلا بقرينةٍ زائدةٍ دالةٍ على ذلك، وأنه إذا تَجَرَّدَ من القرائنِ لم يَدْخُلْنَ فيه، وعلى هذا أكثرُ علماءِ الأصولِ.
وقولُه: {بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ} [التوبة: آية 67] هذه الآيةُ تَضَمَّنَتْ تكذيبَ المنافقينَ المذكورَ في قولِه: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} [التوبة: آية 56] وَصَدَّقَتْ قولَه: {وَمَا هُم مِّنْكُمْ} [التوبة: آية 56] كأن اللَّهَ يقول: المنافقونَ يحلفون بالله إنهم لَمِنْكُمْ وما هم منكم. الحقيقةُ هم ليسوا مِنْكُمْ ولكن بعضَهم من بعضٍ، وليسوا منكم ولستُم منهم، بل هم بعضُهم من بعضٍ؛ لأنهم هم المتشابهون في الأخلاقِ والأهدافِ، أخلاقُهم واحدةٌ وغرضٌهم واحدٌ، فبعضُهم مِنْ بعضٍ وبعضُهم أولياءُ بعضٍ، وليسوا منكم ولستُم منهم، فهذا معنَى قولِه: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ} ثم بَيَّنَ صفاتِهم التي يجتمعون فيها وهي ضدُّ صفاتِ المؤمنينَ، على خَطٍّ مستقيمٍ، وهي قولُه: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ} والمؤمنون يأمرون بالمعروفِ {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} والمؤمنون ينهونَ عن المنكرِ.
وَالْمُنْكَرُ: اسمُ مفعولِ أَنْكَرَهُ، والمرادُ به كُلُّ ما أنكره الشرعُ ولم يَأْذَنْ فيه. والمعروفُ: اسمُ مفعولِ (عَرَفَهُ) وهو كُلُّ ما عَرَفَهُ الشرعُ ودعا إليه وَأَمَرَ به.
{يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} المرادُ بقبضِ اليدِ هنا كناية عن البخلِ وعدمِ مَدِّ الأيدي بما أَلْزَمَ اللَّهُ بإعطائِه، فَهُمْ لاَ يُزَكُّونَ ولاَ ينفقونَ، فالعربُ تقولُ: فلانٌ يَتَعَوَّدُ قبضَ اليدِ، ويدُه مقبوضةٌ، ويقبضُ يدَه يُكَنُّونَ بذلك عن