{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: آية 31] ثم قال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} [النور: آية 31] فقالوا: فَعَطْفُ النساءِ على الذكورِ المجموعينَ بصيغةِ الجمعِ الْمُذَكَّرِ يدلُّ على عدمِ دخولِهن فيه لاختصاصِ الصيغةِ بالذكورِ، وإن كان الوصفُ شاملاً للجميعِ وكتابِه.
وذهبت طائفةٌ أخرى إلى أن النساءَ يدخلن في الجموعِ المذكرةِ وما جَرَى مَجْرَاهَا؛ لأن الجميعَ سواءٌ في التكاليفِ، واستدلوا بآياتٍ من كتابِ اللَّهِ جاء مصرَّحًا فيها بدخولِ الأُنْثَى في صيغةِ الجمعِ المذكرِ السالمِ، كقولِه تعالى في [بلقيس] (?): {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)} [النمل: آية 43] فَأَدْخَلَ هذه المرأةَ في (الكافرينَ) وهو جمعُ مذكرٍ سَالِمٌ. وقولُه في مريمَ ابنةِ عمرانَ: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكِتَابِهِ} [التحريم: آية 12] وفي القراءةِ الأُخْرَى: {وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (?) فَأَدْخَلَ مريمَ وهي امرأةٌ في اسمِ (القانتينَ) وهو جمعُ مذكرٍ سَالِمٌ، قالوا: ونظيرُه قولُه في امرأةِ العزيزِ: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)} [يوسف: آية 29] وهذا خلافٌ معروفٌ في الأصولِ. وأكثرُ الأُصُولِيِّينَ يقولونَ: إنهنَّ لا يدخلنَ. وأجمعَ العلماءُ على عدمِ دخولِ النساءِ في صيغةِ الذكورِ في قولِه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: الآيتانِ 5، 6] فلا يجوزُ للمرأةِ أن تتخذَ عبدَها وَتَتَسَرَّاهُ؛ لأن الإناثَ لم يَدْخُلْنَ في هذه الصيغةِ المختصةِ بالذكورِ، وعلى كُلِّ حالٍ فأظهرُ قَوْلَيِ الأصوليينَ - وعليه أكثرُهم - أن أصلَ اللغةِ يقتضي تغليبَ الذكورِ على الإناثِ، وهذا لا نزاعَ فيه، أمَّا التبادرُ عند