يقول الله (جلَّ وعلا): {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64)} [التوبة: آية 64].

قرأ هذا الحرفَ عامةُ القرَّاءِ، غير ابن كثير وأبي عمرو: {أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} بفتحِ النونِ وتشديدِ الزايِ، وقرأ ابنُ كثير وأبو عمرٍو: {أنْ تُنْزل عليهم سورة} ومعنَى القراءتين واحدٌ، فالله (جل وعلا) في هذه السورةِ الكريمةِ يفضحُ ما تنطوي عليه ضمائرُ المنافقينَ، فَبَيَّنَ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم في هذه الآيةِ الكريمةِ أن المنافقينَ في غايةِ الخوفِ والقلقِ والحذرِ من أن ينزلَ اللَّهُ على نَبِيِّهِ قرآنًا يكشفُ به أسرارَهم، ويوضحُ ما تنطوي عليه ضمائرُهم من الكفرِ والسوءِ فقال: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ} مضارعُ حَذِرَ الأمرَ يَحْذَرُهُ إذا كان يخافُ وقوعَه خوفًا شديدًا.

قولُه: {أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} التحقيقُ أن المصدرَ المنسبكَ من (أنْ) وصلتِها في محلِّ نصبٍ مفعولٌ به ليحذر (?)؛ لأنه (يحذر) تتعدى بنفسها دونَ حرفٍ، وأنشد سيبويه لتعدي (حذر) بنفسها قولَ الشاعر (?):

حَذِرٌ أُمُورًا لاَ تُضِيرُ وَآمِنٌ ... مَا لَيْسَ يُنْجِيهِ مِنَ الأَقْدَارِ

فقولُه: «أمورًا» مفعولٌ به لـ (حَذِر) وهو الوصفُ من حَذِرَ يحذرُ فهو حَذِرٌ {أَنْ تُنَزَّلَ} يعني: يحذرُ المنافقونَ تنزيلَ سورةٍ من الله عليهم. أي: على النبيِّ وأصحابِه تفضحُ المنافقينَ، وقال بعضُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015