محادةٍ لله هي إيذاءُ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم والتجرؤُ على ذلك بالأيمانِ الباطلةِ الكاذبةِ.
{فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} إذا كانت (أَنَّ) مثلاً في جزاءِ الشرطِ بعد فاءٍ جَازَ فيها الفتحُ كما هنا وجاز فيها الخفضُ أيضًا، وهما لغتانِ عربيتانِ. وقراءةُ الجمهورِ منهم السبعةُ هنا: {فَأَنَّ لَهُ} بفتحِ الهمزةِ، ولو كُسِرَتْ لَجَازَ لغةً لا قراءةً؛ لأن القراءةَ الصحيحةَ بعكسِه {فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} أضافَ النارَ إلى جهنمَ لأن جهنمَ طبقةٌ من طبقاتِها.
{خَالِدًا فِيهَا} في حالِ كونه خالدًا فيها، وهي حال مقدرة كما هو معلومٌ.
{ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} أي: الخلودُ في النار- عياذا بالله - بسببِ مُحَادَّةِ اللَّهِ ومشاقتِه، والخزيُ العظيمُ أي: الذلُّ الأكبرُ والهوانُ الأعظمُ. فالخزيُ في لغةِ العربِ: غايةُ الذلِّ والهوانِ والانسفالِ. وقد صَرَّحَ اللَّهُ (جلَّ وعلا) بأن مَنْ حَادَّ اللَّهَ في غايةِ الذلِّ والمهانةِ والسفالةِ كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20)} [المجادلة: آية 20] فقولُه: {أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} يُبَيِّنُ أن الخزيَ هنا - عياذًا بالله - يتضمنُ أعلى الذلِّ والحقارِ والصغارِ، وقال تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [المجادلة: آية 5] وذلك الكبتُ ملتزمٌ لأصنافِ الذلِّ والمهانةِ، وَاللَّهُ (جل وعلا) يقولُ: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: آية 192] أي: أَذْلَلْتَهُ وأهنتَه - والعياذُ بالله أَجَارَنَا اللَّهُ منها وإخوانَنا المسلمينَ - وهذا معنى قولِه: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الضميرُ ضميرُ الشأنِ، والجملةُ هي اسم (أن)، و (أن) الثانيةُ فيها