وقد رَدَّ الضميرَ هنا على الرسولِ وحدَه قال: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} مِنْ أن يُعِيبُوهُ. قال بعضُ العلماءِ (?): إنما اكْتَفَى بالضميرِ الواحدِ لأَنَّ إرضاءَ اللَّهِ إرضاءٌ لرسولِه، وإرضاءُ الرسولِ إرضاءُ اللَّهِ {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: آية 80] فلما تَلاَزَمَا صارا كأنهما شيءٌ واحدٌ.
وَذَهَبَ غيرُ واحدٍ من علماءِ العربيةِ وعلماءِ التفسيرِ (?) إلى أن رجوعَ الضميرِ على أحدِ المتعاطفينِ اكتفاءً به لأَنَّ الآخَرَ مفهومٌ منه أسلوبٌ عربيٌّ معروفٌ كثيرٌ في القرآنِ العظيمِ وفي كلامِ العربِ وهو كثيرٌ، أن العربَ ربما حَذَفَتْ بعضَ الأمرينِ وَاسْتَغْنَتْ عنه بالآخَرِ، سواء كان في ضميرٍ أو غيرِ ضميرٍ، فَمِنْ أمثلتِه في غيرِ الضميرِ قولُ قيسِ بنِ الخطيمِ (?):
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْدَكَ ... رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
فحذفَ «راضون» لدلالةِ «راضٍ» عليها، وقد أَنْشَدَ هذا لهذا المعنَى سيبويه في كتابِه، وأنشدَ سيبويه لهذا المعنَى أيضًا قولَ عمرِو بنِ أحمرَ الباهليِّ (?):
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ... بَرِيئًا وَمِنْ أَجْلِ الطَّوِيِّ رَمَانِي
أَيْ: كنتُ بريئًا وكان والدِي بريئًا، فَحَذَفَ أحدَهما لدلالةِ الآخَرِ عليه، وأنشدَ له سيبويه في كتابِه أيضًا: قولَ ضابئِ بنِ