لَعَنَهُمُ اللَّهُ} إلى آخِرِ الآيةِ [الأحزاب: آية 57]. وهذا معنَى قولِه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)} [التوبة: آية 62] قال بعضُ العلماءِ: كانت جماعةٌ من المنافقينَ ومعهم غلامٌ حَدَثٌ من الأنصارِ يُسَمَّى عامرَ بنَ قيسٍ، فقال بعضُ المنافقينَ لبعضٍ: وَاللَّهِ إِنْ كان ما يقولُه محمدٌ صلى الله عليه وسلم حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ من الحميرِ، فغضبَ ذلك الغلامُ وقال: أَتَشُكُّونَ في حَقِّ ما يقوله، وَاللَّهِ إِنَّ ما يقولُه لَحَقٌّ، وإنكم لشرٌّ من الحميرِ، ثم نَمَا الحديثُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا سَأَلَهُمْ: ما حَمَلَكُمْ على أن تقولوا ما قلتُم، حلفوا بالله ما قُلْنَاهُ، قال مَنْ رَوَى هذه القصةَ في سببِ هذا النزولِ: وكان ذلك الغلامُ الأنصاريُّ يدعو اللَّهَ ويقولُ: اللهم بَيِّنِ الْمُحِقَّ منا مِنَ الكاذبِ، فأنزلَ اللَّهُ هذه الآيةَ من سورةِ براءةٍ تصديقًا لذلك الرجلِ وتكذيبًا لأولئك المنافقين (?) {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} أنما قيل عنَّا لَكَذِبٌ، ولا نقول إلا خيرًا، ولا نظهر إلا الخيرَ {لِيُرْضُوكُمْ} بذلك {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} في باطنِ الأمرِ، ولم يكونوا منافقينَ، ولم يقعوا في نبيِه صلى الله عليه وسلم بما لا يَنْبَغِي.