أحرارًا ولاؤهم للمسلمينَ. قالوا: وهذا هو معنَى قولِه: {وَفِي الرِّقَابِ}. و {وَالغَارِمِينَ} تَكَلَّمْنَا الآنَ عليه.

وقولُه: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} لاَ خلافَ بَيْنَ العلماءِ أن الغزاةَ الذين ليسوا في الديوانِ داخلينَ في سبيلِ اللَّهِ، وإيضاحُ هذا أن عمرَ بنَ الخطابِ (رضي الله عنه) لَمَّا جَعَلَ مسألةَ الديوانِ كَتَبَ أسماءَ الجندِ في ديوانٍ قَيَّدَ أسماءَهم فيه، وَكُلُّ قُطْرٍ من الأقطارِ عَدَّدَ ما فيه من المُقَاتِلَةِ وَكَتَبَهُمْ في ديوانٍ ليحفظوا الثغورَ وَيُعِينُوا على الجهادِ، وكانت لهم أرزاقٌ معروفةٌ في بيتِ مالِ المسلمينَ، وهؤلاء إذا قُتِلَ واحدٌ منهم عَقَلَ عنه الآخَرُونَ قبلَ عصبتِه، فهؤلاء قال العلماءُ: ليسوا هم المرادَ هنا؛ لأن لهم أرزاقًا من بيتِ مالِ المسلمينَ وهم مُدَوَّنُونَ مَعْرُوفُونَ، وأن المرادَ بهؤلاءِ الغزاةِ: هم الذين يتطوعونَ لِيُقَاتِلُوا وَيُسَدِّوا الثغورَ مع المسلمينَ، مع أنهم لم تكن لهم أرزاقٌ مكتوبةٌ، ولم يكونوا مكتوبينَ في الديوانِ، فهؤلاءِ يُعْطَوْنَ من زكاةِ المسلمينَ وإن كانوا أغنياءَ، وَيُعْطَوْنَ ما يشترون به السلاحَ والمراكبَ ليسدوا ثغورَ المسلمينَ فيجاهدوا في سبيلِ اللَّهِ، وكونُ المرادِ في سبيلِ اللَّهِ الغزاة هو قولُ الشافعيِّ (رحمه الله) في طائفةٍ من العلماءِ.

وقال الإمامُ مالكٌ وأصحابُه: إن المرادَ بسبيلِ اللَّهِ كُلُّ ما يتعلقُ بالغزوِ والرباطِ فيدخلُ فيه جميعُ ما يتعلقُ بالغزوِ كشراءِ السلاحِ والكراعِ، والرباطِ في سَدِّ الثغورِ المخوفةِ التي يُخْشَى أن تدخلَ منها الكفارُ للمسلمينَ، أن هذا كُلَّهُ يدخلُ في سَبِيلِ اللَّهِ.

وذهبت جماعةٌ من العلماءِ وهو مَرْوِيٌّ عن الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ أن (في سَبِيلِ اللَّهِ) الحُجاج والعُمَّار، أنه يُعْطَى من بيتِ مالِ المسلمينَ للعاجزِ عن الحجِّ والعمرةِ ما يحجُّ به ويعتمرُ. قالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015