الزكاةِ، وبعضُ العلماءِ يقولُ: ولو عندَه مالٌ. وبعضُ العلماءِ يقولُ: لاَ يُعْطَى هذا الغارمُ من الزكاةِ إلا إذا كان لا شيءَ عندَه، أو عندَه شيءٌ إذا أعطاه للغرماءِ بَقِيَ فقيرًا لا شيءَ عندَه. وأظهرُ القولينِ في هذا: أنه يُقْضَى عنه الدَّيْنُ إلا إذا كان مَلِيًّا يقدرُ على قضاءِ الدَّيْنِ ويبقى عندَه ما يكفيه. وبعضُ العلماءِ يقولُ: هو غارمٌ على كُلِّ حالٍ، يُقْضَى عنه سواء كان غَنِيًّا أو فقيرًا. والأولُ أظهرُ. وهذا معنَى قولِه: {وَالْغَارِمِينَ} {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ}.

قولُه: {وَفِي الرِّقَابِ} اختلفَ العلماءُ في المرادِ به (?)، فَذَهَبَتْ جماعةٌ من العلماءِ إلى أن المرادَ بالرقابِ: إعانةُ الْمُكَاتَبِينَ خاصةً. وذهب إلى هذا الشافعيُّ في طائفةٍ من العلماءِ، واستدلُّوا لهذا بقولِه تعالى في سورةِ النورِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: آية 33] قالوا: {مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} هو المذكورُ في قولِه هنا: {وَفِي الرِّقَابِ} وعلى هذا القولِ الذي قاله الشافعيُّ وجماعةٌ من فقهاءِ الأمصارِ إذا كان المكاتبُ عليه نجومٌ من كتابتِه فإنه يُعَانُ بما عَسُرَ عليه من نجومِ كتابتِه من زكاةِ المسلمينَ ليتخلصَ حُرًّا.

وذهبت جماعةٌ من العلماءِ منهم مالكُ بنُ أنسٍ وأصحابُه في طائفةٍ من فقهاءِ الأمصارِ إلى أن معنَى قولِه: {وَفِي الرِّقَابِ} أنه ليس معناه الْمُكَاتَبِينَ، قالوا: المكاتبونَ داخلونَ في قولِه: {وَالغَارِمِينَ} لأن المكاتبَ غارمٌ لسيدِه نجومَ كتابتِه. قالوا: أما معنَى قولِه: {وَفِي الرِّقَابِ} فهو أنه يُشْتَرَى من زكاةِ المسلمينَ عبيدٌ ويكونونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015