أنها لامُ التمليكِ، واستدلوا بحديثٍ جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن الله لم يَكِلْ قسمَها إلى نَبِيٍّ وإنما جَزَّأَهَا ثمانيةَ أجزاءٍ، قالوا: واللامُ للتمليكِ، فَهِيَ شركةٌ بَيْنَ هؤلاء الثمانيةِ، ومن حَرَمَ واحدًا من هؤلاء الثمانيةِ فقد ضَمِنَ له نصيبَه؛ لأنه حَرَمَهُ ما أعطاه اللَّهُ إياه.

وقالت جماعةٌ من العلماءِ: المرادُ بالآيةِ: أن هذه هي المصارفُ الذي لا يجوزُ تَعَدِّيهَا إلى غيرِها، ولم يلزم تعميمُها، بل يُوكَلُ إلى نظرِ الإمامِ، فما رآه الإمامُ أحسنَ للمصلحةِ العامةِ فَعَلَهُ للمسلمينَ، فلو اقتضى نظرُه أن يصرفَها لواحدٍ من هذه الثمانيةِ دونَ غيرِها لِيَفْعَلْ. هذا ملخصُ كلامِ العلماءِ في هذا الموضوعِ.

وقولُه: {وَالْغَارِمِينَ} الغارمونَ معناه: أصحابُ الديونِ الذين يُطْلَبُونَ بالدَّيْنِ، والغارمونَ عندَ العلماءِ فيهم تفصيلٌ (?): منهم مَنْ يكونُ غارمًا لمصلحةٍ عامةٍ للمسلمينَ، كالذي يجدُ بعضَ القبائلِ بينها شحناءُ وفتنٌ وستقعُ بينها قتلى وبلايا ثم يتحملُ الدياتِ ويكون غارمًا لتلك الدياتِ للمصلحةِ العامةِ، فمثلُ هذا النوعِ لم يختلف العلماءُ في أنه يُعْطَى من زكاةِ المسلمينَ ويغرمُ عنه ما تَحَمَّلَ للمصلحةِ العامةِ للمسلمينَ من زكواتِ المسلمينَ ولو كان غَنِيًّا. وبعضُهم يقولُ: لاَ يُعْطَى عنه إلا إذا كان فقيرًا. وأما إذا كان الإنسانُ تَحَمَّلَ الديونَ في خاصةِ نفسِه، كالذي يتحملُ لينفقَ [على] (?) أهلِه وأولادِه، وينفقَ في تجارتِه ثم يخسر، ونحو ذلك من الأمور فأكثرُ العلماءِ على أن هذا إذا كان لَمْ يَسْتَدِنْ في سَرَفٍ، ولم يَسْتَدِنْ في معصيةٍ، ولم يَبْدُرِ المالَ في المعاصِي أنه يدخلُ في الغارمينَ، وأنه يُقْضَى عنه قدرَ دَيْنِهِ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015