ونشاطٍ وفي عزةٍ وقوةٍ ومنعةٍ فالمؤلفةُ غيرُ موجودينَ فيسقطُ نصيبُهم لعدمِهم، وكذلك هذه الأصنافُ الثمانيةُ كُلُّ ما عُدِمَ منها سَقَطَ نصيبُه معه.

وَاعْلَمْ أن العلماءَ مختلفون في هذه الأصنافِ الثمانيةِ هل يجبُ أن تكون الزكاةُ موزعةً بينَها ثمانيةَ أجزاءٍ ولا يجوزُ أن يُحْرَمَ واحدٌ منها، أو يجوزُ أن تعطَى الزكاةُ لواحدٍ منها، أو لاثْنَيْنِ، أو ثلاثةٍ دونَ تعميمِ الآخَرِينَ (?)؟ هذا خلافٌ معروفٌ بينَ العلماءِ، فذهبت جماعةٌ من العلماءِ منهم مالكٌ وأبو حنيفةَ (رحمه الله) وجماعةٌ كثيرةٌ من فقهاءِ الأمصارِ إلى أنه لا يلزمُ تعميمُ هذه الأصنافِ، بل يجوزُ أن تُعْطَى الزكاةُ لصنفٍ واحدٍ منها، وأن كُلَّ ذلك موكولٌ إلى نظرِ الإمامِ يرى الأصلحَ فالأصلحَ فَيُؤْثِرُ أفقرَها وأحوجَها وأشدَّها مصلحةً للعامةِ. هذا قولُ مالكٍ وأبِي حنيفةَ وجماعةٍ كثيرةٍ من العلماءِ، قالوا: والآيةُ إنما بَيَّنَتِ المصارفَ الذي لا يجوزُ أن تُتَعَدَّى بها الزكاةُ إلى غيرِها، وصنفٌ واحدٌ منها يكفي. وكان بعضُ علماءِ المالكيةِ يقول: أكبرُ دليلٍ على عدمِ وجوبِ تعميمِ الأصنافِ أنا لو أَعْطَيْنَا الفقراءَ جزءًا فإنا لا يقولُ أحدٌ إننا نُعَمِّمُ جميعَ الفقراءِ، وإذا أَعْطَيْنَا المساكينَ جزءًا فلا يمكنُنا أن نعممَ جميعَ المساكينِ، فإذا كان الصنفُ الواحدُ لا يمكنُ تعميمُه فلا يلزمُ تعميمُ الأصنافِ جميعِها؛ لأنا لو مَشَيْنَا مع التعميمِ لَزِمَنَا أن نُعَمِّمَ نصيبَ الفقراءِ على جميعِ الفقراءِ ولا نتركَ فقيرًا واحدًا، ونصيبُ المساكينِ على جميعِ المساكينِ ولا نتركُ مسكينًا واحدًا. والحاصلُ أن هذا خلافٌ قديمٌ اخْتَلَفَتْ فيه أنظارُ العلماءِ، فمنهم مَنْ يقولُ: إن المرادَ بـ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015