بالترابِ لاَ شيءَ عندَه، والعربُ تُطْلِقُ الفقيرَ على مَنْ عندَه شيءٌ لاَ يُغْنِيهِ، فعنده بُلْغَةٌ ولكنها لا تغنيه، قال: ويدلُّ لذلك قولُ راعِي نمير وهو عربيٌّ قُحٌّ (?):
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... رَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
فَسَمَّاهُ فقيرًا وعندَه حلوبةٌ قدرَ عيالِه. وأما الذين قالوا: الفقيرُ أحوجُ فإنهم قالوا: إن الفقيرَ مُشْتَقٌّ من فقراتِ الظهرِ؛ لأَنَّ الفاقةَ كأنها فَقَرَتْ ظَهْرَهُ، أي: قَصَمَتْهُ. وقالوا: المسكينُ: اللَّهُ قال في سفينةِ الخضرِ وموسى: {فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: آية 79] فَسَمَّى أهلَها مساكينَ مع أن عندَهم سفينةً عاملةً في البحرِ بالإيجارِ، فَدَلَّ على أن الفقيرَ أسوأُ حالاً. وهذا خلافٌ بَيْنَ أهلِ اللغةِ والعلماءِ معروفٌ، جماعةٌ يقولونَ: الفقيرُ أسوأُ حالاً، وجماعةٌ يعكسونَ. وهذا معنَى قولِه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}.
{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: آية 60] معناه: أن السهمَ [الثالث] (?) يُعْطَى للعاملينَ عليها، وهم الذين يَتْعَبُونَ في تحصيلِ الزكاةِ، كَالْجُبَاةِ الذين يُرْسِلُهُمُ الإمامُ ليجمعوا الزكاةَ من أقطارِ الناسِ وَيَأْتُوا بها ويذهبوا بها لِيُفَرِّقُوهَا. فالعاملونَ عليها كالجباةِ للزكاةِ من خارج، والمفرقينَ لها على الناس، فهؤلاء لهم سَهْمٌ في الزكواتِ وهو قَدْرُ أُجْرَتِهِمْ. وأظهرُ الأقوالِ أنه لا يتقدرُ فيه شيءٌ مُعَيَّنٌ إلا بقدرِ أجرتِهم، وكلُّ مَا يُعْطَى أحدٌ من هؤلاء فيه خلافٌ كثيرٌ (?)، وأظهرُها أنه كله يُوكَلُ إلى اجتهادِ الإمامِ، ونصيبُ العاملين عليها يكونُ بقدرِ أجرةِ مثلِهم بحسبِ ما عَانَوْهُ من التعبِ، يُعْطَوْنَ على قدرِ