حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِرٍ ... وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلاَمُهَا

هذا أصلُ معنَى المادةِ في لغةِ العربِ، ومنه قِيلَ لتكفيرِ الذنوبِ تكفيرُ الذنوبِ؛ لأَنَّ اللَّهَ يسترُها وَيُغَطِّيهَا بِحِلْمِهِ حتى لا يظهرَ لها أَثَرٌ، مِنْ (كَفَرْتُهُ) إذا سَتَرْتَهُ.

والكافرُ يُغَطِّي أدلةَ التوحيدِ ويحاولُ جحدَها وتغطيتَها وهي كالشمسِ في رابعةِ النهارِ، أو يحاولُ تغطيةَ نِعَمِ اللَّهِ عليه بِأَكْلِهِ رزقَه وعبادتِه غيرَه.

قولُه: {إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: آية 54] هو محمدٌ صلى الله عليه وسلم، والرسولُ بِمَعْنَى مُرْسَلٍ، أي: بالإنسانِ الذي أَرْسَلَهُ اللَّهُ (تبارك وتعالى)، وهو نَبِيُّنَا. والرسولُ (فعول) بمعنَى (مُفْعَلٍ) وأصلُه مصدرٌ، وإتيانُ المصادرِ على وزنِ (فَعُول) بفتحِ الفاءِ نادرٌ موجودٌ في كلماتٍ معدودةٍ (?) كالقبولِ، والولوعِ، والرسولُ بمعنَى الإرسالِ والرسالةِ. والتحقيقُ أن أصلَ الرسولِ مصدرٌ، والعربُ تُطْلِقُ الرسولَ وتريدُ المصدرَ الذي هو الرسالةُ، ومنه قولُ الشاعرِ (?):

لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا فُهْتُ عِنْدَهُمُ ... بِقَوْلٍ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

أي: وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرِسَالَةٍ، وقول الآخر (?).

أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي عَمْرٍو رَسُولاً ... بِأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ

أَبْلِغْ بَنِي عمرٍو رسالةً. وإنما قُلْنَا: إن الرسولَ أصلُه مصدرٌ لِنُبَيِّنَ بذلك أن في ذلك حَلاًّ لبعضِ الإشكالاتِ في القرآنِ العظيمِ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015