والضميرُ في قولِه: {أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} منصوبٌ في مَحَلِّ المفعولِ. أعنِي بقولِي: (الضمير) المصدرَ المنسبكَ من (أَنْ) وصلتِها في قولِه: {أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} المصدرُ المنسبكُ من (أن) وصلتِها في قولِه: {أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} في محلِّ نصبٍ مفعولٌ به لـ (منع) - أي ما مَنَعَهُمْ قبولَ نفقاتِهم - بناء على أن (مَنَعَ) تَتَعَدَّى للمفعولِ الثانِي بنفسِها، كَمَنَعْتُ زيدًا كذا وكذا. وهو الصحيحُ (?).
وأما المصدرُ المنسبكُ من (أن) وصلتِها في قولِه: {إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} فالتحقيقُ فيه أنه في محلِّ رفعٍ، وهو فاعلُ (مَنَعَ) وتقريرُ المعنَى: ما منعَ قبولَ نفقاتِهم إلا أنهم كفروا، أي: إلا كفرُهم بالله. فإيضاحُ المعنَى: ما مَنَعَ قبولَ النفقاتِ منهم إلا كفرُهم بِاللَّهِ.
وقال بعضُ العلماءِ: إن فاعلَ (مَنَعَ) ليس المصدرَ المنسبكَ من (أن) وصلتِها، وأنه ضميرٌ يعودُ إلى اللَّهِ. أي: وما مَنَعَ اللَّهُ قبولَ نفقاتِهم إلا أنهم كَفَرُوا، إلا لأَجْلِ أنهم كَفَرُوا. والأولُ هو الأظهرُ (?).
وقولُه: {إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} لأن المنافقينَ وإن كانوا يُظْهِرُونَ الإيمانَ ظاهرًا فَهُمْ في باطنِ الأمرِ كفَرَةٌ فجَرَةٌ، فهم كافرونَ في باطنِ الأمرِ، والكافرُ لا يُقْبَلُ منه صرفٌ ولا عدلٌ، ولا خلافَ بين العلماءِ أن الكفرَ سيئةٌ لا تنفعُ معها حسنةٌ، فلا ينتفعُ الإنسانُ بعملٍ إلا إذا كان مَبْنِيًّا على أساسِ العقيدةِ الصحيحةِ.