قال بعضُ العلماءِ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} أي: عيونٌ يسمعونَ الأخبارَ ويأتونَهم بها لِيَقْدِرُوا بذلك على ما شاؤوا من الفسادِ والخبالِ.

وقال بعضُ العلماءِ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} هم ساداتٌ وأشرافٌ في قومِهم، وفيكم مَنْ يسمعُ لهم لمكانتِهم وشرفِهم في قبيلتِه كابنِ أُبَيٍّ والجدِّ بنِ قيسٍ وَمَنْ يكونُ له شرفٌ وسيادةٌ في قومِه يسمعونَ منه وَتُؤَثِّرُ دعايتُه السيئةُ عليهم بإلقاءِ الفتنِ والأراجيفِ. وهذا معنى قولِه: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} وهذه الآيةُ الكريمةُ نَصَّ اللَّهُ (جلَّ وعلا) فيها على إحاطةِ عِلْمِهِ، وأنه (جلَّ وعلا) من شدةِ إحاطةِ علمِه بالأشياءِ يعلمُ الأشياءَ الذي سَبَقَ في علمِه أنها لا تكونُ (?)،

هو يعلمُ أن لو كانت كيف تكونُ؛ لأن هؤلاء المتخلفينَ عن غزوةِ تبوكَ كالجدِّ بنِ قيسٍ وعبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيِّ بنِ سلولَ لا يحضرونَها أبدًا؛ لأن اللَّهَ كَرِهَ انبعاثَهم فَثَبَّطَهُمْ عنها لحكمةٍ إلهيةٍ، ومصلحةً للمسلمينَ، فَهُمْ لا يحضرونَها أبدًا، وقد سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ الأزليِّ أنهم لا يحضرونَها أبدًا، وأنهم لا يخرجونَ معه أبدًا، وخروجُهم هذا الذي سَبَقَ في سابقِ عِلْمِهِ أنه لا يكونُ صَرَّحَ بأنه عَالِمٌ أن لو كان كيف يكونُ، فَعَرِفْنَا من هذا أنه (جلَّ وعلا) يعلم الموجوداتِ والمستحيلاتِ والمعدوماتِ والجائزاتِ، حتى إنه من إحاطةِ علمِه ليعلمُ المعدومَ الذي سَبَقَ في سابقِ علمِه أنه لا يوجدُ يعلمُ أن لو وُجِدَ كيف يكونُ لشدةِ إحاطةِ علمِه بالأشياءِ، فخروجُ هؤلاءِ لا يكونُ، وهو عَالِمٌ ذلك الخروجَ الذي لا يكونُ أن لو كان كيف يكونُ، كما قال هنا: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} الآيةَ [التوبة: آية 47] والآياتُ الدالةُ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015