وقولُه: {ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} العربُ تقولُ: أَوْضَعَ يُوضِعُ إيضاعًا. إذا أَسْرَعَ في سيرِه. فالإيضاعُ: الإسراعُ في السيرِ. وَاسْمُ فاعلِه (موضِع) ومنه قولُ امرئِ القيسِ (?):

أَرَانَا مُوْضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ ... وَنُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ

و {خِلالَكُمْ} معناه: بينكَم، يعنِي: لاَ يزيدونَكم إلا فسادًا على فسادٍ، ولأَسْرَعُوا فيما بينَكم بالمشيِ بالنميمةِ وإلقاءِ المخالفاتِ والأراجيفِ والأكاذيبِ التي تضرُّ المسلمينَ ولا تنفعُهم. وهذا معنَى قولِه: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} لأن العدوَّ إذا كان في ثيابِ صديقٍ يفعلُ كُلَّ شَرٍّ ويضرُّ كُلَّ مضرةٍ من حيث لا يشعرُ به، فَهُمْ لاَ يزيدونَكم إلا الفسادَ. أي: لا يزيدونَكم شيئًا كائنًا ما كان إلا الفسادَ والخبالَ، فإنهم يفسدون عليكم وكأنهم يفسدون وهم في المدينةِ، فإذا سافروا كان خبالُهم وفسادُهم أكثرَ؛ لأنهم يُلْقُونَ بينهم بالنمائمِ ويلقونَ الأراجيفَ والتخويفَ من المشركينَ وإلقاءِ التشاويشِ كي يخافَ المسلمونَ، ولتفسد ذاتُ بينهم، وهم أعداءُ - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ - وهذا معنَى قولِه تعالى: {ولأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} معناه يطلبونَ لكم الفتنةَ. {الْفِتْنَةَ} هي ما يُوقِعُونَ بكم من الشرِّ، من المعاداةِ بينَكم بإلقاءِ النميمةِ والخوفِ من الأعداءِ بإلقاءِ الأراجيفِ الكاذبةِ ونحوِ ذلك.

وقولُه: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} في هذا الحرفِ وجهانِ من التفسيرِ للعلماءِ (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015