(القصرِ) (?) فـ (إنما) أداةُ حَصْرٍ. يعنِي: لاَ يستئذنك هذا الاستئذانَ الذي يُرَادُ به التخلف عن الجهادِ والقعودِ لأعذارٍ كاذبةٍ.
{إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الذين لاَ يُصَدِّقُونَ بالله ولا يؤمنون باليومِ الآخِرِ فلا يرغبون فيما عِنْدَ اللَّهِ، ولا يخافون عذابَ اللَّهِ.
وقولُه: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ} شَكَّتْ قلوبُهم. فـ {وَارْتَابَتْ} معناه: شَكَّتْ. والتاءُ فيه تاءُ الافتعالِ. وأصلُ حروفِه الأصليةِ: الراءُ في محلِّ الفاءِ، والياءُ في مَحَلِّ العينِ، والباءُ في محلِّ اللامِ، أصلُ المادةِ (رَيَبَ) بـ (راءٍ) فـ (ياء) فـ (باء) والتاءُ تاءُ الافتعالِ، وأصلُها (وَارْتِيبَتْ قلوبُهم) (?)
أي: دَاخَلَهَا الرَّيْبُ. أصلُ الريبِ في لغةِ العربِ معناه الإزعاجُ والإقلاقُ. هذا أصلُ معناه الأصليِّ، تقولُ العربُ: رَابَهُ الأمرُ. إذا أَزْعَجَهُ وَأَقْلَقَهُ. وهذا هو معناه الحقيقيُّ، ومنه قولُ توبةَ بنِ الْحُمَيِّرِ الخفاجيِّ (?):
وَكُنْتُ إِذَا مَا زُرْتُ لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ ... وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاةَ سُفُورُهَا
أي: أَزْعَجَنِي وَأَقْلَقَنِي، وكلما جاء الريبُ في القرآنِ والارتيابِ فمعناه الشكُّ على كُلِّ حالٍ. وإنما سُمِّيَ الشاكُّ مُرْتَابًا وَأُطْلِقَ اسمُ الريبِ على الشكِّ لأَنَّ الشاكَّ لاَ تطمئنُّ نفسُه إلى طرفِ الإيجابِ، ولا إلى طرفِ السلبِ، فهو تارةً يميلُ إلى الإيجابِ، وتارةً يميلُ إلى السلبِ، فنفسُه مُنْزَعِجَةٌ قلقةٌ ليست مطمئنةً إلى الثبوتِ ولا إلى