{أَنْ يُجَاهِدُوا} (أنْ) هذه كلامُ العلماءِ فيها راجعٌ إلى قَوْلَيْنِ (?):
أحدُهما: أنها هذه التي يُحْذَفُ قبلَها حرفُ الجرِّ. والمعنَى على هذا: «لاَ يستأذنك الذين يؤمنون بِاللَّهِ في أَنْ يُجَاهِدُوا» أي: في الجهادِ وَتَرْكِ الجهادِ؛ لأن المؤمنينَ بالله مسارعون إلى مرضاةِ اللَّهِ، منقادونَ إلى الجهادِ، سائرونَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
لاَ يستأذنونَ لأَجْلِ أن يُؤْذَنَ لهم في التخلفِ، وقد تقررَ في علمِ العربيةِ أن حذفَ حرفِ الجرِّ قبلَ المصدرِ المنسبكِ من (أنَّ) وصلتِها و (أنْ) وصلتِها مطردٌ لا نزاعَ في اطرادِه (?)، ومحلُّ المصدرِ بعدَ حذفِ حرفِ الجرِّ أَكْثَرُ علماءِ العربيةِ يقولونَ منصوبٌ، وهو الذي عليه كبراؤهم. وقال قومٌ: هو مخفوضٌ. واستدلوا على خفضِه بقولِ الشاعرِ (?):
فَمَا زُرْتُ لَيْلَى أَنْ تَكُونَ حَبِيبَةً ... إِلَيَّ وَلاَ دَيْنٍ بِهَا أَنَا طَالِبُهْ
قالوا: خَفَضَ «وَلاَ دَيْنٍ» عطفًا على المصدرِ المنسبكِ من (أن) وصلتِها بعدَ حذفِ حرفِ الجرِّ. قالوا: والأصلُ: «وما زرتُ ليلى لكونِها حبيبةً، ولا لِدَيْنٍ» والمحققونَ منهم يقولونَ: محلُّه النصبُ. وهذا الذي عليه جمهورُهم، قالوا: ولا شاهدَ في البيتِ لأنه مِمَّا يُسَمَّى عند النحويين عطفَ التوهمِ. وحاصلُ عطفِ التوهمِ عند النحويينَ أنه تكونُ الكلمةُ يجوزُ فيها الخفضُ وليست بمخفوضةٍ،