لأمرِه ونهيِه. وهذا معنَى قولِه: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: آية 40].
قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)} [التوبة: الآيات 41 - 43].
يقول اللَّهُ (جلَّ وعلا): {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}.
قال جماعةٌ من العلماءِ: هذه الآيةُ الكريمةُ هي أولُ آيةٍ نَزَلَتْ من سورة براءة. قالوا: أولُ ما نَزَلَ منها: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} الآية ... ثم بعدَ ذلك نَزَلَ أولُها وآخِرُها (?).
وقولُه: {انْفِرُوا} أمرٌ بالنفرِ، والنفرُ المرادُ به هنا: التهيؤُ والحركةُ للجهادِ في سبيلِ اللَّهِ، وَكُلُّ متحركٍ بسرعةٍ لأَمْرٍ من الأمورِ تقولُ العربُ: نَفَرَ له، كقولِهم: النَّفْرُ غداةَ كذا. يعنونَ: تَفَرُّقَ الناسِ من مِنًى ذاهبينَ إلى أوطانِهم؛ لأنهم تَنْقَضِي مهمةُ حَجِّهِمْ فيسرعونَ الحركةَ متفرقينَ إلى أوطانِهم. كما قال ابنُ أبِي ربيعةَ (?):
لاَ نَلْتَقِي إِلاَّ ثَلاَثَ مِنًى ... حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَنَا النَّفْرُ