{وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} كلمةُ اللَّهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وما تَضَمَّنَتْهُ، صارت هي العليا، وصار الْحُكْمُ لها، وصار صناديدُ الكفَرَةِ بينَ مقتولٍ ومأسورٍ وَمُسْلِمٍ، وصارت أحكامُ اللَّهِ هي التي تَنْفُذُ، وكلمتُه هي التي يُعْمَلُ بها في أرضِه، ودحض اللَّهُ الكفارَ وأهلَكهم. وهذا معنَى قولِه: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}.
{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} العزيزُ: الغالبُ الذي لاَ يغلبُه شيءٌ. والعزةُ: الغلبةُ، ومنه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون: آية 8] أي: لله الغلبةُ ولرسولِه وللمؤمنينَ، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: آية 23] أي: غَلَبَنِي في الخصامِ. ومن أمثالِ العربِ: «مَنْ عَزَّ بَزَّ» (?) يعنونَ مَنْ غَلَبَ اسْتَلَبَ. ومنه قولُ الخنساءِ بنتِ عمرِو بنِ الشريدِ السلميةِ الشاعرةِ (?):
كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا حِمًى يُخْتَشَى ... إِذِ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ مَنْ عَزَّ بَزَّا
والحكيمُ (?): هو مَنْ يضعُ الأمورَ في مواضعِها وَيُوقِعُهَا في مَوَاقِعِهَا. وهذانِ الاسمانِ من أسماءِ اللَّهِ (العزيزُ الحكيمُ) المتضمنانِ هاتينِ الصفتينِ من صفاتِ اللَّهِ، وهي عِزُّهُ وحكمتُه وحكمه هما أبلغُ شيءٍ في امتثالِ أمرِه وطاعتِه (جلَّ وعلا)؛ لأن عزتَه أَيْ غلبتَه وقوتَه وقهرَه وسلطانَه يجعلُك أيها المسكينُ العظيمُ تَخَافُهُ وتخضعُ لأمرِه ونهيِه، وكونُه (جلَّ وعلا) حكيمًا لا يأمرُك إلا بما فيه لكَ الخيرُ، ولا ينهاكَ إلا عَمَّا فيه لكَ الشرُّ، ذلك يقتضِي أيضًا أن تطيعَه وتخضعَ