{إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: آية 40] وقد قال أبو بكر في قصةِ الغارِ قصيدتَه الرائيةَ المشهورةَ التي يُبَيِّنُ فيها قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا له حيث يقول (?):

قَالَ الرَّسُولُ وَلَمْ يَجْزَعْ يُوَقِّرُنِي ... وَنَحْنُ فِي سُدْفَةٍ مِنْ ظُلْمَةِ الْغَارِ ...

لاَ تَخْشَ شَيْئًا فَإِنَّ اللَّهَ ثَالِثُنَا ... وَقَدْ تَكَفَّلَ لِي مِنْهُ بِإِظْهَارِ

إلى آخِرِ القصيدةِ المشهورةِ، وهذا معنَى قولِه: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} العربُ تقولُ: (حَزِن) بكسرِ الزاءِ (يحزَن) بفتحِها (حَزَنًا) على القياسِ و (حُزْنا) إذا أصابَه الحَزَنُ، وأكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ الحزنُ في الغمِّ من أمرٍ فائتٍ، وقد يُطْلَقُ على الغمِّ من أمرٍ مستقبلٍ كما هنا.

{إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} هذه معيةٌ خاصةٌ، وَاللَّهُ (جلَّ وعلا) بَيَّنَ في كتابِه أن له مع خلقِه معيةً خاصةً ومعيةً عَامَّةً. أما المعيةُ الخاصةُ كقولِه هنا: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، {كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: آية 62]، {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: آية 46]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا}، فمعنَى هذه المعيةِ: أن اللَّهَ ناصرُهم وحافظُهم وكالئُهم وَمُعِينُهُمْ، هذه هي المعيةُ المذكورةُ هنا.

{فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} السكينةُ: (فعيلةٌ) من السكونِ، وهي الطمأنينةُ وثبوتُ الْجَأْشِ حتى لا يكونَ فيه خوفٌ ولا حَزَنٌ. {عَلَيْهِ} التحقيقُ أن الضميرَ عائدٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015