الْمُكْرِهَ فاعلاً، فهذا له وجهٌ من النظرِ ظاهرٌ. وهذا معنَى قولِه: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: آية 40] كقولِه: {وَكَأَيِّن مِّنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ (13)} [محمد: آية 13] {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} [التوبة: آية 13] {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [الممتحنة: آية 1].

وقولُه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} حال {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} في حالِه {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أي: واحدًا من اثنينِ ليس معه إلا رجلٌ واحدٌ {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} بدلٌ من قولِه: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فـ (إذْ) الثانيةُ بَدَلٌ من (إذ) الأُولَى، {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} الغارُ هو الثقبُ في الجبلِ، والمرادُ به الغارُ المذكورُ في جبلِ ثورٍ من جبالِ مكةَ {إِذْ يَقُولُ} النبيُّ صلى الله عليه وسلم {لِصَاحِبِهِ} وقد أَجْمَعَ جميعُ المسلمينَ أنه أبو بكرٍ (رضي الله عنه). وفي هذه الآيةِ من سورةِ براءة أعظمُ منقبةٍ لأَبِي بكرٍ (رضي الله عنه)، فما يحاولُ به الإماميةُ وغيرُهم من الشيعةِ من الكلامِ في أبِي بكرٍ (رضي الله عنه) وتفنيدِ ما دَلَّتْ عليه هذه الآيةُ من فضلِه وعظمتِه، كُلُّهُ باطلٌ لاَ يُلْتَفَتُ إليه، وقد قال بعضُ العلماءِ (?): مَنْ أَنْكَرَ أن أبا بكر صاحبُ رسول الله كَفَرَ لتكذيبِه بهذه الآيةِ الكريمةِ.

{لاَ تَحْزَنْ} الحزنُ في لغةِ العربِ (?) هو الغمُّ من أمرٍ فائتٍ، وربما تُطْلِقُهُ العربُ على الغمِّ مِنْ أَمْرٍ مستقبلٍ نادرًا، كما هنا. والخوفُ: الغمُّ من أمرٍ مستقبلٍ، وربما أَطْلَقَتْهُ العربُ على الغمِّ من أمرٍ فائتٍ، أي: لاَ يُدَاخِلْكَ حزنٌ من الخوفِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015