وقولُها: (في عنقه سَطَعٌ): أي طُولٌ؛ لأنه ليسَ قصيرَ العنقِ. إلى آخِرِ ما ذَكَرَتْهُ من أوصافِه الجميلةِ.
فلما جاء زوجُها قال: هذا وَاللَّهِ صاحبُ قريشٍ الذي يطلبونَه وَلأَجْهَدَنَّ في أن أصحبَه. وَذَكَرَ غيرُ واحدٍ أنه أَسْلَمَ بعدَ ذلك وَهَاجَرَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وفي صبيحةِ ذلك اليوم سَمِعَ قريشٌ هاتفًا من الجنِّ يسمعونَ صوتَه مرتفعًا، ولا يَرَوْنَ شخصَه، يُنْشِدُ ذلك الشعرَ المشهورَ الذي يقولُ فيه (?):
جَزَى اللَّهُ رُبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلاَّ خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلاَ بِالْبِرِّ وَارْتَحَلاَ بِهِ ... فَأَصْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
فَيَا لَقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمْ ... بِهِ مِنْ فَعَالِ اللَّهِ جَاهًا وَسُؤْدَدِ
لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
ولم يدرِ قريشٌ أين ذهبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى سَمِعُوا هاتفًا من الجنِّ على أبِي قُبَيْس ينشدُ هذا الشعرَ، يسمعونَ أيضًا صوتَه ولا يرونَ شَخْصَهُ:
فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانُ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ... بِمَكَّةَ لاَ يَخْشَى خِلاَفَ الْمُخَالِفِ
فقال أبو جهل: ما هذانِ السعدانِ، سعد كذا أو سعد كذا (?).