فسمِع بعد ذلك الهاتفَ يقول (?):
أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا ... وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ
أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا ... عَلَى اللَّهِ بِالْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ
فَإِنَّ جَزَاءَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى ... جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتِ رَفَارِفِ
ثم إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استمرَّ في طريقِه ذاهبًا إلى هذه المدينةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ - وكان الأنصارُ (رضي الله عنهم) سمعوا بخروجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان النبيُّ في طريقِه، لَقِيَ الزبيرَ بنَ العوامِ كما ذَكَرَهُ البخاريُّ (?) في قومٍ مسلمينَ جاؤوا تجارًا من الشام، فكساهم ثيابًا بِيضًا وجاؤوا يلبسونَ ثيابًا بيضًا، وكان الأنصارُ كلما صَلَّوُا الصبحَ خرجوا إلى حرتِهم ينتظرونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَرَحًا بقدومِه، فلم يزالوا ينتظرونَه حتى تَغْلِبَهُمْ الشمسُ على الظلالِ، والزمنُ زمنُ حَرٍّ في ذلك الوقتِ، ولم يزالوا كذلك حتى رَجَعُوا إلى بيوتِهم وقتَ شدةِ الحرِّ بعدَ أن غَلَبَتْهُمُ الشمسُ على الظلالِ، فصعد رجلٌ من يهودٍ على أطم من آطامِهم فأبصرَ برسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والذين مَعَهُ في ثيابٍ بِيضٍ يزولُ بهم السرابُ، فلم يَتَمَالَكْ أن نادى بأعلى صوتِه: يا بني قَيْلَةَ هذا جدُّكُم الذي تنتظرونَ، فَثَارَ الأنصارُ في السلاحِ وَتَلَقَّوْهُ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه) (?).
وفي بعضِ الرواياتِ الثابتةِ (?) أنه لما قَرُبَ من المدينةِ