وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي ... أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ
فَعَطَفَ النساءَ على القومِ، وربما دَخَلَتِ النساءُ في اسمِ القومِ بحكمِ التبعِ إذا دَلَّتْ على ذلك قرينةٌ خارجيةٌ، ومنه قولُه تعالى في سورةِ النملِ: {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)} [النمل: آية 43].
وقولُه: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا} قال بعضُ العلماءِ: الضميرُ المنصوبُ في «تَضُرُّوهُ» عائدٌ إلى اللَّهِ، أي: لاَ تَضُرُّوا اللَّهَ شيئًا بعدمِ امتثالِكم أمرَه ولاَ سعيِكم في إعلاءِ كلمتِه (?). وهذا الوجهُ هو الذي يشهدُ له القرآنُ كقولِه (جلَّ وعلا): {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} [محمد: آية 32] وتدلُّ على هذا الآياتُ القرآنيةُ الكثيرةُ أن اللَّهَ غَنِيٌّ عن خَلْقِهِ الذين يدعوهم لطاعتِه، فإنما يَدْعُوهُمْ لنفعِهم، فامتثالُهم نَفْعُهُ لهم، وتمردُهم ضررُه عليهم، كما قال تعالى: {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: آية 6]، {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: آية 8]، {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: آية 7] إلى غيرِ ذلكَ من الآياتِ.
وقال بعضُ العلماءِ: الضميرُ المنصوبُ عائدٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم (?)، أَيْ: لاَ
تَضُرُّوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك؛ لأَنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ له بنصرِه، كما يأتِي في قولِه: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ... } الآيةَ [التوبة: آية 40]