وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133)} [النساء: آية 133] وقولُه في الأنعامِ: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُم مِّنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)} [الأنعام: آية 133] وقولُه تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)} [إبراهيم: الآيتانِ 19، 20]. وقولُه في سورةِ القتالِ: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: آية 38] {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: آية 54] أي: بدلاً من هؤلاء الْمُرْتَدِّينَ، وهذا معنَى قولِه: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: آية 39] أي: يأتِي بقومٍ يجعلُهم بَدَلَكُمْ خَيْرًا منكم، إذا اسْتُنْفِرُوا نَفَرُوا، ولا يُؤْثِرُونَ الحياةَ الدنيا على الآخرةِ، كما دَلَّتْ عليه هذه الآياتُ المذكورةُ، وهذا معنَى قولِه: {يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}.

وقد ذَكَرْنَا مِرَارًا (?)، أن لفظةَ (القومِ) اسمُ جمعٍ لاَ واحدَ له من لفظِه، يُطْلَقُ في اللغةِ العربيةِ الإطلاقَ الأولَ على الذكورِ خاصةً دونَ النساءِ؛ لأنه وُضِعَ للذكورِ خاصةً، وربما دَخَلَتْ فيه النساءُ بِحُكْمِ التبعِ إذا دَلَّ على ذلكِ قرينةٌ، أما الدليلُ على أن القومَ اسمُ جمعٍ خاصٌّ بالرجالِ، في أصلِ وضعِه: فقولُه تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} [الحجرات: آية 11] ثم قال: {وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ} فعطفُه النساءَ على القومِ يدلُّ على عدمِ دخولِهن في اسمِ القومِ، ونظيرُه من كلامِ العربِ قولُ زهيرِ بنِ أبِي سُلْمَى (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015