فما ذَكَرَهُ بعضُهم عن الأصمعيِّ من أن (الفعيل) لا يكونُ بمعنَى (المُفعل) وعليه أَرَادَ بعضُهم أن يفسرَ الأليمَ بأنه يُؤْلَمُ به أو يُحْصَلُ بسببِه أَلَمٌ، فَكُلُّهُ خلافُ التحقيقِ، والتحقيقُ أن من أساليبِ اللغةِ العربيةِ إطلاقَهم (الفعيلَ) وإرادةَ (المُفعِل) وهذا معروفٌ في كلامهم، ومنه {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: آية 101] أي: مبدعُها، {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ} [هود: آية 25] أي: منذرٌ لكم، ونظيرُه من كلامِ العربِ قولُ غيلانَ بنِ عقبةَ المعروفِ بذي الرُّمَّةِ (?):

وَيَرْفَعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلاَتٍ ... يَصُكُّ وُجُوهَهَا وَهَجٌ أَلِيمٌ

أَيْ: مُؤْلِمٌ، وقولُ عمرِو بنِ معدِ يكربَ الزبيديِّ (?):

أَمِنْ رَيْحَانَةِ الدَّاعِي السَّمِيعُ ... يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ

فقولُه: «الدَّاعِي السَّمِيعُ» يعني: الدَّاعِي الْمُسْمِعُ، وقول عمرِو بنِ معدِ يكربَ أيضًا (?):

وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بِخَيْلٍ ... تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ

أَيْ: مُوجِعٌ. وهذا هو الصحيحُ.

{وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أَكْثَرَ اللَّهُ (جلَّ وعلا) في القرآنِ مِنْ ذِكْرِهِ أن الموجودينَ إذا لم يُطِيعُوهُ وَيَمْتَثِلُوا أمرَه فهو غَنِيٌّ عنهم قادرٌ على إذهابِهم وإزالتِهم بالكليةِ والإتيانِ بِمَنْ يَخْلُفُهُمْ، بل مَنْ يكونُ خَيْرًا منهم، وقد قَدَّمْنَا هذا مِرَارًا وسيأتِي أيضًا، فَمِنَ الآياتِ التي بَيَّنَ بها هذا قولُه تعالى في سورةِ النساءِ: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015