بِوَحْيٍ مِنْ وَحْيِ الشيطانِ، وهو أن الشيطانَ أَوْحَى إلى أصحابِه وتلامذتِه في مكةَ أَنِ اسْأَلُوا محمدًا عن الشاةِ تصبحُ ميتةً مَنْ هُوَ الذي قَتَلَهَا؟ فَلَمَّا قال: اللَّهُ قَتَلَهَا.

احْتَجُّوا على النبيِّ وأصحابِه في تحريمِهم الميتةَ بفلسفةٍ مِنْ وَحْيِ الشيطانِ وقالوا: ما ذَبَحْتُمُوهُ وَذَكَّيْتُمُوهُ بأيديكم حلالٌ، وما ذَبَحَهُ اللَّهُ بيدِه الكريمةِ بسكينٍ مِنْ ذَهَبٍ تقولونَ حرامٌ!! فَأَنْتُمْ أحسنُ مِنَ اللَّهِ إِذًا!! فهذا فلسفةُ الشيطانِ ووحيُ إبليسَ اسْتَدَلَّ بها كفارُ مكةَ على اتباعِ نظامِ الشيطانِ وتشريعِه وقانونِه بِدَعْوَى أن ما ذَبَحَهُ اللَّهُ أحلُّ مِمَّا ذَبَحَهُ الناسُ، وأن تذكيةَ اللَّهِ أطهرُ من تذكيةِ الخلقِ، وَاسْتَدَلَّ أصحابُ النبيِّ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم على تحريمِ الميتةِ بوحيِ الرحمنِ في قولِه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: آية 3] {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: آية 173] فَأَدْلَى هؤلاء بنصٍّ من نصوصِ السماءِ، وَأَدْلَى هؤلاء بفلسفةٍ من وحيِ الشيطانِ، وَوَقَعَ بينَهم جدالٌ وخصامٌ، فَتَوَلَّى رَبُّ السماواتِ والأرضِ الْفُتْيَا في ذلك بنفسِه فَأَنْزَلَهَا قُرْآنًا يُتْلَى في سورةِ الأنعامِ مُعَلِّمًا بها خلقَه، أن كُلَّ مَنْ يتبعُ نظامًا وتشريعًا وقانونًا مُخَالِفًا لِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ على لسانِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فهو مشركٌ بِاللَّهِ كافرٌ مُتَّخِذٌ ذلك المتبوعَ رَبًّا، فأنزل اللَّهُ ذلك في قولِه: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} منه الميتةُ. أي: وإن قالوا: إنها ذَكَاةُ اللَّهِ، وأنها أَطْهَرُ. ثم قال: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} أي: إن الأكلَ من الميتةِ لَفِسْقٌ. أي: لَخُرُوجٌ عَنْ طاعةِ الرحمنِ إلى طاعةِ الشيطانِ {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} من الْكَفَرَةِ ككفارِ مكةَ {لِيُجَادِلُوكُمْ} لأجلِ أن يجادلُوكم بِوَحْيِ الشيطانِ، ما ذبحتمُوه حلالٌ، وما ذَبَحَهُ اللَّهُ حرامٌ، فأنتم أحسنُ من اللَّهِ.

ثم قال - وهو مَحَلُّ الشاهدِ -: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015