اعْلَمُوا أيها الإخوانُ أن الإشراكَ بِاللَّهِ في حُكْمِهِ والإشراكَ به في عبادتِه كلاهما بمعنًى واحدٍ، لا فَرْقَ بينهما ألبتةَ، فالذي يَتْبَعُ نظامًا غيرَ نظامِ اللَّهِ، وتشريعًا غيرَ ما شَرَّعَهُ اللَّهُ، وقانونًا مُخَالِفًا لشرعِ اللَّهِ من وَضْعِ البشرِ، مُعْرِضًا عن نورِ السماءِ الذي أَنْزَلَهُ اللَّهُ على لسانِ رسولِه، مَنْ كان يفعلُ هذا هو وَمَنْ يعبدُ الصنمَ ويسجدُ للوثنِ لاَ فرقَ بينَهما ألبتةَ بوجهٍ من الوجوهِ، فَهُمَا واحدٌ، فَكِلاَهُمَا مشركٌ بِاللَّهِ، هذا أَشْرَكَ به في عبادتِه، وهذا أَشْرَكَ به في حُكْمِهِ، والإشراكُ به في عبادتِه، والإشراكُ به في حُكْمِهِ كِلاَهُمَا سواءٌ، وقد قال اللَّهُ (جلَّ وعلا) في الإشراكِ به في عبادتِه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: آية 110].

وقال في الإشراكِ به في حُكْمِهِ أيضًا: {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: آية 26]. وَفِي قراءةِ ابنِ عامرٍ من السبعةِ: {ولا تُشْرِكْ في حكمه أحدا} (?) بصيغةِ النهي المطابقةِ لقولِه: {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: آية 110] فَكِلاَهُمَا إشراكٌ بِاللَّهِ؛ وَلِذَا بَيَّنَ النبيُّ لعديِّ بنِ حاتمٍ أنهم لَمَّا اتبعوا نظامَهم في التحليلِ والتحريمِ وَشَرْعِهِمُ المخالفِ لشرعِ اللَّهِ كانوا عبدةً لهم، مُتَّخِذِيهِمْ أربابًا، والآياتُ القرآنيةُ في المصحفِ الكريمِ المُصَرِّحةُ بهذا المعنَى لا تكادُ تُحْصِيهَا، ومن أَصْرَحِهَا: الْمُنَاظَرَةُ التي أَشَرْنَا لها، وَوَعَدْنَا بإيضاحِ مَبْحَثِهَا هنا، وهي المناظرةُ التي وَقَعَتْ بَيْنَ حزبِ الرحمنِ وحزبِ الشيطانِ في حُكْمِ تحليلِ لحمِ الميتةِ وتحريمِه، فحزبُ الشيطانِ يقولونَ: إن الميتةَ حلالٌ، ويستدلونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015