الأصولِ بـ (السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ)، وعندَ علماءِ المنطقِ. بـ (الشَّرْطِيِّ الْمُنْفَصِلِ)، وعندَ علماءِ الجدلِ بـ (الترديدِ والتقسيمِ) (?)، فنقولُ: إن موقفَ المسلمينَ مِمَّا أَحْدَثَتْهُ الحضارةُ الغربيةُ التي صارت سببَ ضلالٍ ودمارٍ مع ما أُدْخِلَ في الثقافاتِ من البلايا والويلاتِ، نقولُ: وهو بالتقسيمِ الصحيحِ منحصرٌ في أربعةِ أقسامٍ حَصْرًا اسْتِقْرَائِيًّا (?)، وقد تَقَرَّرَ في علمِ البحثِ والمناظرةِ، وعلمِ الأصولِ أن للحصرِ طَرِيقَيْنِ: إما عَقْلٌ، وإما استقراءٌ، فهو محصورٌ في أربعةِ طرقٍ بطريقِ الاستقراءِ:

أَوَّلُهَا: أن نقولَ: يجبُ علينا أن نأخذَ جميعَ ما أَنْتَجَتْهُ الحضارةُ الغربيةُ من مائِها الزلالِ وَسُمِّهَا الفتَّاكِ القتَّالِ، فهذا قِسْمٌ وَاحِدٌ، أو نقولُ: نتركهما معًا، أو نأخذُ نافعَها ونتركُ ضارَّها، أو نأخذُ ضَارَّهَا ونتركُ نافعَها، فهي أربعةُ أقسامٍ بالحصرِ الاستقرائيِّ، فإذا رَجَعْنَا لهذه الأقسامِ الأربعةِ بِالسَّبْرِ الصحيحِ نَجِدُ ثلاثةً منها باطلةً، وواحدًا صحيحًا، وهذه فائدةُ السبرِ والتقسيمِ، التقسيمُ: يحصرُ الأوصافَ، والسبرُ: يُمَيِّزُ بَيْنَ خَبِيثِهَا وَطَيِّبِهَا وصالحِها وطالحِها. فلو قُلْنَا: نَأْخُذُ جميعَ ما أَنْتَجَتْهُ الحضارةُ الغربيةُ، فإن مَنْ أرادَ أن يأخذَ الماءَ الزلالَ مَمْزُوجًا بالسمِّ الفتاكِ القَتَّالِ لاَ ينتفعُ بالماءِ، وَمَنْ أَرَادَ تَقَدُّمًا مِنَ الأمورِ الدنيويةِ التي عندهم مع ما فيها من الانحلالِ، وضياعِ الأخلاقِ، والتمردِ على نظامِ السماءِ، والإلحادِ والكفرِ بخالقِ السماواتِ والأرضِ، فهذا لا ينفعُ معه شيءٌ، إذا الدينُ لم يَكُنْ فَلاَ كانت الدنيا. فهذا قِسْمٌ باطلٌ يَقِينًا، ولو قلنا: نتركهما جميعًا، فهذا القسمُ باطلٌ أيضًا؛ لأَنَّ تركَ الأخذِ بالقوةِ تَوَاكُلٌ وعجزٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015