وتمردٌ على نظامِ السماءِ؛ لأَنَّ اللَّهَ يقولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: آية 60].
فَتَرْكُ القوةِ والاستعدادِ للعدوِّ مخالفٌ للشرعِ الكريمِ، ومخالفٌ لِلْفِطَرِ السليمةِ، فالحياةُ بتطوراتِها الراهنةِ لاَ يجوزُ للمسلمينَ أن يتركوا استعمالَ القوةِ وجميعَ أنواعِ الوسائلِ لتكونَ عندهم قوةٌ يدافعونَ بها عن أنفسِهم ودينِهم، فهذا القسمُ باطلٌ أيضًا.
القِسْمُ الثالثُ: وهو أن يُؤْخَذَ سُمُّهَا فقط، ويتركَ زُلاَلُهَا، فَمَنْ وَجَدَ ماءً زُلالاً وَسُمًّا فَاتِكًا قَتَّالاً، واختار السمَّ على الماءِ فهذا مجنونٌ أَهْوَجُ!!
أما أن نأخذَ نافعَها ونتركَ ضَارَّهَا، فهذا هو اللائقُ بكلِّ عاقلٍ أن يأخذَ ما ينفعُه ويتركُ ما يضرُّه.
والمؤسفُ كُلُّ المؤسفِ أن الذين تَأَثَّرُوا بهذه الحضارةِ من الناسِ الذين أصلُهم مسلمونَ لم يأخذوا من هذه الحضارةِ إلا سُمَّهَا الْفَتَّاكَ الْقَتَّالَ، ولم ينتفعوا بمائِها الزلالِ، فتراهم يقلدونَهم في الإلحادِ والكفرِ بِاللَّهِ وَالْمَسْخَرَةِ من الدينِ، والاستهزاءِ بآياتِ اللَّهِ، في الوقتِ الذي لم يَأْخُذُوا عنهم شيئًا مما أَنْتَجُوهُ من الأمورِ النافعةِ في الدنيا.
مَا أَحْسَنَ الدِّينَ وَالدُّنْيَا إِذَا اجْتَمَعَا ... وَأَقْبَحَ الْكُفْرَ وَالإِفْلاَسَ بِالرَّجُلِ (?)
فَهُمْ يجمعونَ بَيْنَ الكفرِ والإفلاسِ - والعياذُ بالله - وهذا الشيءُ الذي طَبَّقَ المعمورةَ وانتشرَ في أقطارِ الدنيا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.