تُرْضِعُهُ أن ذلك يُضْعِفُ عظمَه ويتركُ فيه ضَعْفًا طَبِيعِيًّا!! كانوا إذا ضَرَبَ الرجلُ وَنَبَا سيفُه عن الضريبةِ قالوا: هذا من آثارِ الغيلةِ، وهي وطءُ الْمُرْضِعِ!! وكان شاعرُهم يقولُ (?):
فَوَارِسُ لَمْ يُغَالُوا فِي رَضَاعٍ ... فتَنْبُوا فِي أَكُفِّهُمُ السُّيُوفُ
فَأُخْبِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن فَارِسَ والرومِ أنهم يفعلونَ ذلك ولا يضرُّ أولادَهم (?)، فَأَخَذَ هذه الخطةَ الطبيةَ من فارسَ والرومِ ولم يَمْنَعْهُ خبثُ مَنْ جاء بها عن أن يأخذَها. فهذا تعليمُ الصادقِ المصدوقِ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه).
وَمِمَّا هو واضحٌ أن ما جاء به الكفَرَةُ الفَجَرَةُ الخنازيرُ الذين يُسَمُّونَ أنفسَهم (أهلَ الحضارةِ) أنهم جاؤوا بماءٍ زُلاَلٍ، وجاؤوا بِسُمٍّ فَتَّاكٍ قَتَّالٍ؛ لأن ما في الحضارةِ الغربيةِ من المنافعِ الدنيويةِ لا يحتاجُ أن يُنَوَّهَ عنه، فَهُمْ خَدَمُوا الإنسانَ - من حيث إنه جِسْمٌ - خدمةً هائلةً ما كانت تخطرُ على البالِ. ولاَ يُحْتَاجُ أن يُنوَّهَ عنها، ولكنهم بالنسبةِ إلى الروحِ وإلى عنصرِ الإنسانِ من حيثُ كونه رُوحًا مُفْلِسُونَ كُلَّ الإفلاسِ. فعلى المسلمينَ أن يُمَيِّزُوا بَيْنَ ما يَضُرُّ وما لا يَضُرُّ، فيأخذوا منهم الأمورَ الدنيويةَ فينتفعوا بخبرتِهم في الأمورِ كما انتفعَ صلى الله عليه وسلم فِي الأمورِ الدنيويةِ من الكفارِ، أما أنهم يأخذونَ عنهم كُفْرَهُمْ وَتَمَرُّدَهُمْ على اللَّهِ وإفلاسَهم الروحيَّ النهائيَّ فهذا مِمَّا لا يجوزُ وَلاَ كان ينبغِي لعاقلٍ أن يفعلَه.
ونحنُ دائمًا نُبَيِّنُ الموقفَ السليمَ فِي الأوضاعِ الراهنةِ للإسلامِ والمسلمينَ، وَنَعْرِضُهُ على الدليلِ العظيمِ المعروفِ عندَ علماءِ