وَقَرَأَ من السبعةِ عاصمٌ وحدَه: {يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بكسرِ الهاءِ وهمزةٍ بعدَه (?).
وفي الآيةِ التي قبلَ هذا أَمَرَ اللَّهُ (جلَّ وعلا) بعقوبةِ أهلِ الكتابِ بقولِه: {قَاتِلُوا} ثُمَّ بَيَّنَ موجبَ تلك العقوبةِ بقولِه: {الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} ثم أَكَّدَ موجبَ عقوبتِه بقولِه هنا: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} يعني: هؤلاء الذين أَمَرْتُكُمْ بقتالِهم مرتكبونَ من الجرائمِ ما يستوجبُ قتالَهم {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: آية 29] فَأَوْجَبَ على أهلِ الكتابِ عقوباتٍ شديدةً، منها: قتالُهم حتى يدفعوا الجزيةَ {عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَخِسَّاءُ أَذِلاَّءُ. وكذلك لحقارتِهم على اللَّهِ [5/ب] / بَيَّنَّا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى بإخراجِهم من جزيرةِ العربِ [وتطهيرِها منهم] (?). ومن آخِرِ ما أَوْصَى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم تطهيرُ جزيرةِ العربِ من اليهودِ والنصارى وسائرِ المشركينَ (?). ولاَ شَكَّ أن هذا أَمْرٌ مُهِمٌّ، لو لم يكن مُهِمًّا لَمَا أَوْصَى به النبيُّ عند موتِه (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه)، ولكنه (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه) عَلَّمَنَا في هذا الدينِ العظيمِ أن له عزائمَ وَرُخَصًا، فهذا الدينُ العظيمُ أنزلَه اللَّهُ مُنْقَسِمًا إلى عزائمَ ورخصٍ، فعزائمُه: تُسْتَعْمَلُ عندَ الأوقاتِ المناسبةِ لها، ورخصُه: تستعملُ عندَ الأوقاتِ المناسبةِ لها؛ لأن الدينَ السماويَّ لاَ بُدَّ أن يكونَ مُشْتَمِلاً على مواجهةِ التطوراتِ والأحداثِ حيث ما كانت وأيًّا ما كانت، ففي كُلِّ حالٍ له فيها مواجهةٌ.
ونريدُ هنا أن نُبَيِّنَ بعضَ الأشياءِ التي يجوزُ أخذُها من الكفارِ