والتحقيقُ - إن شاء الله - أن كُلَّ هذا واسعٌ بحسبِ ما يراهُ الإمامُ، إلا أنه لا ينبغي أن ينقصَ الجزيةَ عن دينار. وهذا معنَى قولِه: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: آية 29] لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى ما أَذِنَ في تركِهم إلا بهذا.
واختلفَ العلماءُ في الْعِوَضِ الذي أُعْطِيَتْ عنه الجزيةُ (?): قال بعضُ العلماءِ: عِوَضُهَا حقنُ دمائِهم. وعلى هذا القولِ إذا أَسْلَمَ سقطت عنه الجزيةُ؛ لأن دمَه حَقَنَهُ الإسلامُ. وقال بعضُهم: عِوَضُهَا حَقْنُ دمائِهم، والمدافعةُ عنهم، وَمَنْعُ مَنْ أرادَ أن يَظْلِمَهُمْ. وعلى هذا تَبْقَى الجزيةُ فيه ولو أَسْلَمَ. هكذا قالَه بعضُ العلماءِ.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة: الآيتان 30، 31].
{ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: آية 30] قرأ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ السبعةِ غيرَ عاصمٍ والكسائيِّ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ} بلا تنوينٍ على الراءِ. وقرأه عاصمٌ والكسائيُّ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} بتنوينِ الراءِ (?). وقرأ عامةُ السبعةِ غيرَ عاصمٍ: {يضاهُون قول الذين كفروا} بضم الهاء ليس بعدها همزةٌ.