وفي قولِه: {دِينَ الْحَقِّ} وجهانِ من التفسيرِ (?):

أحدُهما: أن (الحقَّ) هو ضِدُّ الباطلِ، وأن دينَ الحقِّ من إضافةِ الموصوفِ إلى صفتِه. أي: الدينُ الذي هو الحقُّ الذي هو دينُ الإسلامِ. {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: آية 85]. {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: آية 19].

الوجهُ الثانِي: أن الحقَّ هو اللَّهُ، فالحقُّ من أسماءِ اللَّهِ. {وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} أي: دين الله الذي شَرَعَهُ على لسانِ نَبِيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وقولُه: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بيانٌ للذين أُمِرُوا بقتالِهم الموصوفونَ بأنهم لاَ يؤمنونَ بالله إلى آخِرِ ما ذكر.

{مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} مِنْ يَهُودٍ وَنَصَارَى.

وعندما نَزَلَتْ تَجَهَّزَ صلى الله عليه وسلم لقتالِ النصارى في غزوةِ تبوك كما ستأتِي تفاصيلُه في هذه السورةِ الكريمةِ.

{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ}: (حتى) حرفُ غايةٍ، وَالْمُغَيَّا هنا {قَاتِلُوا} أي: قاتلوهم، وَأَمَدُ ذلك القتالِ إلى غايةٍ هي أن {يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} إِذْ لم يؤمنوا بالله، فإن آمَنُوا بالله فَذَلِكَ، وإلا فَلاَ بُدَّ أن يُعْطُوا الجزيةَ.

الجزيةُ: (فِعْلةٌ) وقد تَقَرَّرَ في عِلْمِ العربيةِ أن (الفِعلةَ) بكسرِ الفاءِ تأتِي لبيانِ الهيئاتِ، من هيئاتِ المصدرِ. وأصلُها من جَزَى يجزي؛ لأن الكفارَ - أهلُ الكتابِ -: يُنْعِمُ عليهم المسلمونَ بحقنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015