وكانت في السبايا التي جِيءَ بها رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الشيماءُ بنتُ الحارثِ بنِ عبدِ الْعُزَّى، أُمُّهَا حليمةُ السعديةُ، أختُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من الرضاعةِ، كانت تقولُ لهم: مَهْلاً عَلَيَّ لاَ تُزْعِجُونِي فإني أختُ صاحبِكم من الرضاعةِ، فلما جاءت أَخْبَرَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا عن العلامةِ فقالت له: عَضَّةٌ عَضَضْتَنِيهَا فِي كَتِفِي وَأَنَا مُتَوَرِّكَتُكَ. فعرف صلى الله عليه وسلم العلامةَ فبسط لها رداءَه وأجلسَها عليه وأكرمَها غايةَ الإكرامِ، وَخَيَّرَهَا أن تبقَى معه محببةً مكرمةً أو أن يردَّها إلى أهلِها ويمتعَها. فاختارت الردَّ إلى أهلها فَمَتَّعَهَا. كانوا يقولونَ: من جملةِ ما أعطاها جَارِيَةٌ وَغُلاَمٌ، زَوَّجَتِ الغلامَ من الجاريةِ، قالوا: وكان عقبهما فيهم لا يكادُ ينقطع (?). وهذا من كرمِه ووفائِه (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه)، فإن الإنسانَ إذا استعرضَ شيئًا من سِيرَتِهِ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه) رأى العظمةَ الهائلةَ من الشجاعةِ الكاملةِ، والحلمِ الكاملِ، والكرمِ الكاملِ، والوفاءِ الكاملِ (صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليه). وهذا معنَى قولِه: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة: آية 27] على مَنْ يشاءُ أن يتوبَ عليه، وهذه يُفْهَمُ منها أنه تعالى تَابَ على الذين انْهَزَمُوا وإن لم يُصَرِّحْ بها. أما الذين انْهَزَمُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015