ثم جاءه مُخْتَفِيًا، وَسَارَ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وجاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا فَأَكْرَمَهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَدَّ إليه أهلَه وولدَه، وأعطاه مائةً من الإبلِ كما أَعْطَى الْمُؤَلَّفِينَ.
وقد كان مالكُ بنُ عوفٍ سَيِّدُ هوازنَ مَدَحَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ببعضِ أشعارِه، ومن ذلك قولُه لَمَّا رَدَّ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا رَدَّ له وأعطاه مائةً من الإبلِ (?):
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلاَ سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ... فِي النَّاسِ كُلِّهِمُ بِمِثْلِ مُحَمَّدِ
هذا يمدحُه به رئيسُ الذين كانوا أعداءَه بالأمسِ يقاتلونَه، رَجَعَ في هذا الزمنِ القريبِ إلى مَدْحِهِ والثناءِ عليه هذا الثناءَ الجميلَ:
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلاَ سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ... فِي النَّاسِ كُلِّهِمُ بِمِثْلِ مُحَمَّدِ ...
أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إِذَا اجْتُدِي ... وَمَتَى تَشَأْ يُخْبِرْكَ عَمَّا فِي غَدِ (?) ...
وَإِذَا الْكَتِيبَةُ عَرَّدَتْ أَنْيَابُهَا ... بِالسَّمْهَرِيِّ وَضَرْبِ كُلِّ مُهَنَّدِ ...
فَكَأَنَّهُ لَيْثٌ عَلَى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ الْهَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَدِ
وهذا معنَى قولِه: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: آية 26] فَقَسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم غنائمَ هوازنَ بَعْدَ أن رَدَّ إليهم أولادَهم ونساءَهم، قَسَّمَ غنائمَهم بالجعرانةِ في ذي القعدة عامَ ثَمَانٍ - ثم إنه أَحْرَمَ بعد أن قَسَّمَهَا بعمرةٍ (?) - من الهجرةِ.