وقد قَدَّمْنَا في هذه الدروسِ مِرَارًا (?) أن أصلَه من الغَنَاءِ بالفتحِ والمدِّ، فالغَنَاءُ في لغةِ العربِ:- كَسَحَابٍ - معناه: النفعُ. ومعنَى (لا يغني عنه) أي: لا يَحْصُلُ له به غَنَاءٌ. أي: نَفْعٌ. وقد قَدَّمْنَا لغاتِ هذه المادةِ مِرَارًا في هذه الدروسِ، وَبَيَّنَّا أن الغَنَاءَ بالفتحِ والمدِّ - غَنَاءٌ كسحابٍ - أن معناه: النفعُ. ومنه قولُ بعضِ شعراءِ بَنِي أسدِ بنِ خزيمةَ (?):
وَقَلَّ غَنَاءً عَنْكَ مَالٌ جَمَعْتَهُ ... إِذَا صَارَ مِيرَاثًا وَوَارَاكَ لاَحِدُ
«قَلَّ غَنَاءً عَنْكَ» أي: قلَّ نفعًا لك. تمييزٌ مُحَوَّلٌ عن الفاعلِ.
وأن (الغَنَى) بالمدِّ والقصرِ أنه الإقامةُ في الموضعِ، فالعربُ تقولُ: غَنِيَ بالمكانِ يغنَى به غَنًى - على القياسِ - أي: أقام به. ومنه في هذا المعنَى قولُه تعالى: {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: آية 24].
والغِنَاءُ - بكسرِ الغينِ والمدِّ إلى الهمزةِ، غِنَاء كَكِتَابٍ - معناه: الألحانُ الْمُطْرِبَةُ، قَبَّحَهَا اللَّهُ.
والغِنى بالكسرِ والقصرِ هو ضِدُّ الفقرِ، والغِنَى بالضمِّ والقصرِ جَمْعُ غُنْيَةٍ، وهو المالُ الذي يَقْتَنِيهِ الإنسانُ فيغتني به في حياتِه.
وَالْغُنَاءُ بضمٍّ فَمَدٍّ لاَ أعرفُه في لغةِ العربِ. وهذا معنَى قولِه: {فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا}.
{وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} الباءُ بمعنَى (مع)، و (ما) مصدريةٌ. والمعنَى: ضَاقَتْ عليكم الأرضُ مع سَعَتِهَا ورُحْبِهَا،